على عيبٍ بما اشتراه، فليس هذا من خاصيّة المرابحةِ.
ولو اشترى عبداً بثمنٍ غالٍ وغُبنَ في ثمنه، فقد ذكر طوائف من محققينا أنه يجب ذكرُ ذلك، فيكون المشتري على بصيرةٍ من أمره.
وقد قطع شيخي وصاحبُ التقريب أن ذلك لا يجب؛ فإنه باع ما اشترى كما اشترى، ومن باع شيئاً وغَبَن مشتريَه لم يكن مدلِّساً، ولو كتم عيباً يعلمه به، كان غاشّاً مدلِّساً.
ثم الذين قالوا لا بد من ذكر الغبن، بَنَوْا عليه أنه لو اشترى من ولده الطفلِ، فيجب عليه ذكرُ ذلك، وإن كان اشترى بثمنِ المثلِ من غير مزيدٍ؛ لأن شراءه من ولده يوهم نظرَه له وتركَ النظرِ لنفسه.
وهذا خَبْط عظيم، وهو بناءٌ على وجوب ذكرِ الغبن، وقد ذكرنا أن الأصح أنه لا يجب ذكرُه، حتى قال المفرّعون على ذكر الغبن: لو اشتراه من ابنه البالغ، أو أبيه، فهل يجب ذكر ذلك؟ فيه تردُّدٌ مبنيٌّ على أن الوكيلَ بالبيع مطلقاًً هل يبيع من أبيه أو ابنه بثمن المثل؟ وفيه تردُّدٌ. والمذهب القطعُ بجواز بيع الوكيل من ابنه وأبيه بثمن المثل. ووجهُ المنعِ بعيدٌ. وهو مذهبُ أبي حنيفة (١). ثم نحن إن أبعدنا فمنعنا، حَمَلْنَا ذلكَ على تطرق التهمة، ومحاذرةِ الغبن الخفيّ. والعجبُ أن أبا حنيفة (٢) جوّز البيعَ بالغبن الفاحش ومنع البيعَ من الابن (٣).
وبالجُملةِ هذه التفريعاتُ في المرابحة مائلةٌ عن سَنَنِ التحقيق عندنا. والوجهُ: القطع بحسم هذه المادّةِ وإسقاطُ وجوبِ ذكرِ الغَبْن.
٣٢٢٥ - وممَّا أجراهُ المفرعون على ذكر الغَبْنِ أن من اشترى شيئاً بثمنٍ آجلٍ (٤)،
(١) ر. المبسوط: ٤/ ١٢٤، تبيين الحقائق: ٤/ ٢٧٠.
(٢) ر. المبسوط: ٤/ ١٢٤، إيثار الإنصاف: ٣١٦، تبيين الحقائق: ٤/ ٢٧١.
(٣) في (هـ ٢): الأب.
(٤) في الأصل، (هـ ٢): حالّ. والمثبت تقديرٌ منا رعايةَ للسياق، فالحال هو النقد بعينه، وانظر فتح العزيز (بهامش المجموع: ٩/ ١١) حيث ذكر هذه الصورة، وصرح بأنه اشترى (بدَيْن). وانظر الروضة: ٣/ ٥٣١، وأما نسخة (ص)، فقد قلبت الصورة هكذا: اشترى =