الباب؛ فإن غرض الباب يستدعي اتحادَ العقد واختلافَهما في الصفة، حتى إذا فرض التحالف ابتنى عليهِ التفاسخ في العقد الواحد بينهما، وإذا ذَكر أحدُهما ثمناً ومثمناً مُعيَّنين، وذكر الآخر ثمناً ومثمناً آخرين، فقولاهما راجعان إلى عقدين، فالوجه فيهِ أن يدعي كل واحدٍ العقدَ الذي يذكرُه وصاحبُه إذا استمرَّ على نفيه، فالبينةُ على المدعي، واليمين على من أنكر.
وكذلك لو ادّعَى مالك الدار أنه باعها بألفٍ من زيد، فقال زيد: بل وهبتنيها، فليس هذا من الباب؛ فإنهما تَدَاعَيا عقدين، فكل واحد منهما منكر لما يدعي صاحبُه.
ولو اختلفا في عين المبيع واتفقا في عَين الثمن، وكان الثمن مُعَيّناً، فهذا موضع التخالف المقصود في الباب؛ فإنهما اتفقَا على أحد العوضين وارتبط العقد به، ورجع الاختلاف بعده إلى تفصيل العقد. وبمثله لو اختلفا في عين المبيع، وذكرا ثمناً في الذمة لم يختلفا فيه مقداراً وجنساً. مثل أن يقول أحدُهما: بعتُك عبدي هذا بألفٍ، ويقول المشتري: بل بعتني جاريتكَ هذه بألف. فكيف السبيل والاختلاف كذلك؟ ذكر العراقيون أن هذا من باب التَّداعِي في عقدين، فإن المبيع مختلَفٌ فيه، والثمن ليس بمتعيَّن حتى يعتقد مرتَبطاً للعقد.
فالطريق على مذهبهم فصلُ الخصومةِ عن الخصومةِ، فبينهما عقدان يتداعيانهما كما تقدَّم نظائر هذا.
وفي طُرق المراوزة ما يدل أن التحالف يجري في هذا؛ فإنَّ الألْفَ متفقٌ عليه.
والكلام في جهة ثبوته والعِوضُ الثابت ديناً مملوك، كالعوض المسمى عيناً.
وللعراقيين أن يقولوا: الألف الذي يدَّعيه أحدُهما غيرُ الألف الذي يعترف به الثاني، ويتصور التزام ألفين من جهتين، فالتعيين (١) لا يتحقق في الألف، وليس كالعين يتعين ملكاً.
وهذا الذي ذكَرُوه مع ما ذكرهُ المراوزة بلتفت على أصلٍ سيأتي في الدعاوى، وهو
(١) في الأصل: " لتعيّن ".