المعنى، فنقول: العقد متفق عليه، والمتعاقدان مختلفان في صفته، فكل واحدٍ منهما يدّعي صفةً وينكر صفةً، وهذا متحقق والتداعي في الشرائط يحققه (١) والتداعي في زيادةِ الثمن والمثمن.
٣٢٥٦ - ومما خالف أبو حنيفة رحمه الله فيه الأجلُ، مع العلم بأن التداعي فيه تداعٍ في المالية؛ فإن الألف المؤجل دون الألف الحالّ.
ولو اختلف المتعاقدان، فادعى أحدُهما جريانَ شرطٍ مفسدٍ للعقد، وأنكر الثاني، فاختلف أصحابنا: فمنهم من قالَ: القول قول من ينفي الشرطَ؛ لأن الأصل عدمه، ومنهم من قال: القول قول من يثبته؛ فإن في (٢) إثباته نفيَ العقدِ.
وبالجملة ليست هذه الصورة من صور التحالف لما ذكرنا الآن من أن التحالف يترتب على الاختلاف في صفةِ العقدِ، مع الاعتراف بأصلهِ، والنزاع في الصورة (٣) التي نحن فيها راجع إلى أصل العقد؛ فإن أحدهما يدَّعيه، والثاني ينفيه.
وهذا الاختلاف قريبُ المأخذ من مسألة في الأقارير: وهي أن الرجل إذا أقرَّ بألفٍ من ثمن خمرٍ، فهل نلزمهُ الألف تعلُّقاً بصَدَرِ (٤) الإقرار، أم نقول: الكلام بآخرِه، وليس في منتهاه ما يوجب ثبوتَ الألف.
٣٢٥٧ - وذكر القاضي مسألةً، ونحن ننقل جوابَه فيها أولاً، ونذكر وجهَ الرأي: وهو أن البائع لو قال: بعتُك هذا العبدَ بهذَا الثوبِ، وثوبٍ آخر تلف في يدك. وقال المشتري بل اشتريتُه بهذا الثوب لا غير. قال القاضي: هذا يبتني على تفريق الصفقة في الانتهاء، وما يقابل القائمَ من الثمن. فإن قلنا: ينفسخ العقد في القائم أيضاً، فليس يدّعي البائع عقداً في الحال. وإن قلنا: جميع العِوَض يقف في مقابلةِ القائم، فلا معنى للتحالف أيضاً؛ لأن البائع يلزمُه تسليم العبد على هذا القول، فلا يستفيد
(١) مزيدة من (هـ ٢)، (ص). والضمير في قوله: "يحققه" يعود على العقد.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في (هـ ٢)، (ص): الصفة.
(٤) " صَدَر ": أي صدور، كما أشرنا قبلاً، أكثر من مرة.