وقد قدمنا في باب الخراج بالضمان اختلافاً في قيمته، وذلك الاختلافُ يباين ما نحن فيه. ولا نجد بداً من إعادة تصوير ما مضى، ليتبين الفرقُ بين المقامَيْن للناظر.
ذكرنا أن من اشترى عبدين، وتلف أحدُهما في يدهِ ووجد بالثاني عيباً، وفرَّعنا على أنه يُفرِد العبدَ الموجود بالردّ، ويستردّ قسطاً من الثمن، وسبيلُ التقسيط توزيعُ الثمن على قيمة التالف والباقي، ثم قيمةُ التالف في غرض التوزيع بأيّ يوم تعتبر؟ فيه أقوال: أحدها - أنا ننظر إلى قيمةِ يوم البيع؛ فإنا نحتاج إلى التوزيع ومعناه بيان ما وقع من المقابلةِ (١ والتقسيط ابتداء ١).
والقول الثاني - أنا نعتبر حالة قبض المشتري؛ فإن المبيع عندها يدخل في ضمانهِ.
والقول الثالث - أنا نعتبر الأقلَّ من يوم البيع إلى القبض.
وقد وجَّهنا هذه الأقوالَ. وليست القيمةُ فيها على نسق القيمة التي يغرمها المشتري عند التحالف؛ فإن تلك القيمةَ لم نثبتها ليغرم، وإنما قدرناها ليطلع (٢) بها على حقيقةِ التوزيع. وهذا يستدعي لا محالة نظراً إلى يوم العقد.
وقد يَظُن ظان أن الاعتبار بأول حالِ الضمانِ، فعنده قرار (٣) الضمان. فأما اعتبار التلفِ، فلا يقتضيه هذا الأصل. والقيمة في مسألَتِنا مغرومة، فاعتبار العقد فيها بعيدٌ، واعتبار التلف قريب. فليفصِل الناظر بين البابين.
وإذا قلنا: لا يرد العبدَ القائمَ إلا مع قيمةِ التالف، فيضم القيمةَ إلى العبدِ القائم (٤)، ويسترد جملةَ الثمن، فقيمة العبد التالف مغرومة مبذولة، والتفصيل فيها كالتفصيل في السلعة التالفة، إذا كان المشتري يغرَم قيمتها بعد التحالف.
فهذا تمام ما أردناه في ذلك.
(١) ما بين القوسين ساقط من (ص).
(٢) في (هـ ٢)، (ص): حتى يطلع.
(٣) في الأصل: قرر.
(٤) في (هـ ٢)، (ص): الباقي.