وعلى وقف السلعة، فإذا سلَّم ما عليه، انطلق عنه الوقف.
وهذا موقفٌ يتعين على الناظر التثبت في فهم الكلام.
أوَّلاً معناه الظاهر ضربُ الحَجْر على المشتري، هذا هو المراد بالوقف، فقد قال: أحجر عليه في سائر أمواله، وفي المبيع الذي سلّم إليه؛ حتى لا يتصرف في شيءٍ، ثم يدوم الحجر إلى أداء الثمن، فإذا أدّاه انطلق.
وهذا حجرٌ بدع لا عهدَ بمثله في القواعد.
وقد اضطرب الأصحاب؛ فذهب بعضهم إلى أن هذا الحجرَ على قياس الحجر على المفلس. ثم أصلُ المذهب فيه أن دَيْن المرء إذا زاد على ماله، وطلبَ مستحقُّ الدين الحجرَ على المديون، أجيب إلى ذلك.
وإن كان الدينُ أقلَّ من المال قليلاً، أو مثلَه، فاستدعى من يستحق الدينَ الحجرَ، ففي المسالةِ أوجهٌ ستأتي مفصلةً، إن شاء الله تعالى في كتاب الحجر.
فما ذكره الشافعيُّ من وقف مالِ المشتري وضَرْب الحجر عليهِ خارج على هذا القياس عند هذا القائل، حتى إن كان في مال المشتري وفاءٌ بالثمن أو أضعافُ الوفاء، فلا حجرَ، ولا وقف. هذا حكاه شيخي عن بعض الأصحابِ. وكان يبالغُ في تضعيف هذه الطَرِيقة ويزيفُها، وينسُب صاحبَها إلى الذهول عن فهم كلام الشافعي بالكليّة.
ونحن نصف وجهَ التزييف، ثم نفتتح معنى كلام الشافعيّ، ونبني عليه تمامَ مقصوده إن شاء اللهُ عز وجل.
٣٢٩١ - أولاً - ما ذكره هذا القائل يخالفُ صريحَ النص على ما يُنقل لفظُ (١) صاحبِ المذهب. قال رضي الله عنه: " ويجبر المشتري على دفع الثمن من ساعته، فإن غاب مالُه أَشهدَ على وقفِ مالهِ، وأَشهدَ على وقف السلعة. فإذا دفع أطلق عنه الوقفُ، وإن لم يكن له مالٌ، فهذا مفلس، والبائع أحق بسلعته ولا ندع الناس يتمانعون الحقوق ".
(١) ساقطة من (ص).