كنا نُضمِّن المستامَ لقبضه على حكم المعاوضةِ المنتظرة، فالقبض على ظن المعاوضَة الواقعة أولى باقتضاءِ الضمان.
ثم إذا ضمناه القيمةَ، فالاعتبارُ بأيّةِ قيمة؟ ذكر الأئمة في طرقهم ثلاثة أقوالٍ، قولان منها ذكرهما العراقيون، فنذكرهما على ما ذكروا: أحدهما - أن الضمانَ على القابض كالضمان على الغاصب، فيغرَم أقصى القيم، من يوم القبض إلى يوم الفواتِ، كما سنقرر ذلكَ في أحكام الغصوب.
والقول الثاني - أنا نعتبر قيمةَ يومِ التلف؛ فإن الأصل فيما يجب رَدّه ردُّ (١) العين، والتحول إلى القيمةِ سببه فواتُ ردَّ العين. وهذا إنما يتحقق بالتلف.
وذكر المراوزَةُ القولين، فوافقوا في ضمان الغصب، وقالوا في القول الثاني الاعتبارُ بقيمته يوم القبض. هكذا ذكره الشيخ والصيدلاني وغيرُهما.
فانتظم من الطرق ثلاثةُ أقوال: أحدها - قيمةُ الغصب. والثاني - قيمةُ يوم التلف.
والثالث - قيمةُ يوم القبض. والقولان أو الأقوال نجريها في كل ضامنٍ غيرِ معتدٍ، ولا متصرفٍ في غصب، فإذا ضَمَّنا المستامَ قيمةَ ما تلف في يدهِ، فالقول في القيمةِ المعتبرةِ كما ذكرناه. وهذا يطرد في اليد المضَمَّنة التي ليست غصباً.
٣٣٠٤ - وفي المستعار فضلُ نظرٍ؛ فإن من استعارَ ثوباً وقبضه، فلو تلف في يَده، لزمه ضمانُه، فلو اعتبرنا أقصى القيم، لضمّناه الأجزاءَ التي أتلفها بالإبلاء، مع العلم بأنه أتلفها بإذن مالك الثوب. وكذلك لو اعتبرنا قيمةَ يوم القبض، ففيه هذا التعذّر، فما الوجه فيه؟ هذا يُبتنى على أن المستعيرَ هل يضمن الأجزاءَ التي أبلاها؟ فإن قضينا بأنه يضمنها، وهو أضعف الطرق، فيقع في عماية أخرى؛ فإن ما يفوت لا تعتبر قيمته بعد فواته. وفيه تتسلسل فروعٌ لابن الحداد في مسائل الغصوب، فلا معنى للخوض فيها الآن.
والوجه التفريعُ على الأصح، وهو أن الفائت بالبلى غيرُ مضمونٍ.
فالوجه أن نقول: إذا انسحق الثوبُ بعضَ الانسحاق، ثم تلف في يده، ففي قولٍ
(١) في (هـ ٢): بدل العين.