وإن غمض على الناظر أن يصير الألف الثاني من رأس المال، ولم يكن مذكوراً حالة العقد، قيل له: هو تابع للألف الأول، والعقد عليه، وإذا تبعه، كان ملحقاً به كما يلتحق حطُّ أرش العيب بالعقد حتى يُحَط من الشفيع، وإن كان يأخذ الشقصَ بالثمن المسمَّى في العقد.
ولسنا نلتزم الآن شرح هذه المسألة في أحكام القراض، ولكن لا بد من كشف ما ذكرناه في أحكام المأذون، وكيف تصوير الوجهين، والسيد هو الذي يخرج الألفَ، وإنما يطالبه بائع السلعة، لا العبدُ. فما معنى ترديد الكلام في تصرف العبد فيه؟ وليس للعبد أن يمد يده إلى الألف من مال السيد؟
فالوجه في ذلك أن نقول: إذا أدى الألفَ، ثم فُرض ارتفاع العقد بسببٍ، فالعبد هل يستقل بالتصرف في الألف الراجع؟ فيه الخلاف المقدم. وهو مأخوذ من التحاق الألف برأس المال في القِراض.
وينبني على تحقيق هذا أنا إذا قلنا: لا بد من إذنٍ جديد، فالعبد يصير محجوراً عليه بتلف الألف؛ فيرتدُّ العقد إلى تصرف السيد، حتى إن فُرض فيه فسخ، فهو الفاسخ، وهو المخاطب بأحكام العقد.
وإن ألحقناه برأس المال، فتصرُّفُ العبد قائم في العقد على حسب الغبطة.
ثم إن قلنا: تصرّف العبد باقٍ في العقد، فالمطالبةُ والتعلّق بالذمة على الاستمرار الذي كان. وإن قلنا: يرتدّ العقد إلى السيد، ففي بقاء التعلق بذمة العبد وكسبه تردد، فليتأمله الناظر.
٣٤٠٦ - فهذا أصل قدمناه في الكلام على أحكام العُهدة، وعاد -بعده- بنا الكلامُ إلى الجواب عن أسئلتهم.
فإذا باع المأذون سلعةً، وقبض الثمنَ، واستُحِقَّت السلعةُ، وقد كان تلف الثمن في يد العبد، فالمذهب الصحيح أن المشتري يرجع إلى المولى بالعهدة؛ فإنّ يدَ العبد يدُه، فكأنه البائع والقابضُ للثمن. ولسنا نبرىء العبد عن الضمان؛ فإنه خائضٌ في العقد بإذن المولى.
هذا هو الأصح.