وذكر صاحب التقريب وجهاً غريباً حكاه، معظم الأصحاب عنه. وهو أنهما لو
حذفا الأجل المجهول في مجلس العقد، فهل ينحذف حتى يحكم بصحة العقد؟
واحتج عليه بأن قال (١) المتعاقدان في مجلس العقد بمثابتهما بين التواجب (٢)، فكأن
العقد لا قرار له ما لم يتفرقا.
وهذا الوجه مزيف لا يستقيم على قاعدة مذهب الشافعي؛ فإن المجلس إنما يتعلق به الحكم إذا صح العقد، وإذا ذكر في صيغته مفسدٌ، فلا عقد، وإذا لم يكن عقدٌ، فلا مجلس.
ثم تكلم أصحابنا على هذا الوجه الضعيف من وجهين: أحدهما - يتعلق بضبط القول في مجرى هذا الوجه وبيان الأحكام التي يجرى فيها هذا الوجه، والأحكام التي لا يجري فيها.
لا خلاف أن الثمن والمثمن لو أثبت أحدهما على الفساد، فلا ينفع إصلاحهما في مجلس العقد. وهذا الوجه جارٍ في الأصل كما ذكرناه.
واختلف أصحابنا في جريانه في الخيار الفاسد إذا شرط، والرهنِ والحَميل، وزوائدِ العقد: فمن أصحابنا من طرد هذا في جميع الزوائد التي تثبت على الفساد. والأصح تخصيص ما ذكرناه بالأجل؛ وسببه أن المتعاقدين في مجلس العقد على حكم الأجل في الثمن؛ من قِبَل أن البائع لا يملك مطالبة المشتري بالثمن في المجلس، وعاقبة المجلس مجهولة، فكان الأجل مجهولاً؛ فلم يبعد أن يصلح الأجل في مجلس الخيار، والكفيل والحميل ليسا في هذا المعنى، كالأجل. وأمّا شرط الخيار الزائد إذا حذف في المجلس، فهو أقرب إلى الأجل من الكفيل
(١) زيادة اقتضاها السياق. ومن عجب سقوطها من النسخ الثلاث. ويشهد لصحة تقديرنا اتفاق النسخ الثلاث على لفظ (المتعاقدان) بالألف بعد (أن) مما يشهد أنها بسكون النون، وليست (أن) المشددة. إلا إذا قلنا: إن الإمام جرى هنا على لغة من يلزم المثنى الألف في كل حال، وعلى هذا تكون زيادتنا لـ (قال) خطأ.
(٢) يعني أنهما ما داما في مجلس العقد، فكأنهما ما زالا في مجال التخاوض والتفاوض، وإيجاب كل طرف على الآخر، ما يريده من العقد.