فالسلم صحيح لا يأتيه خلل من قبيل الوصف. والأَوْلى إذا تعاقدا أن يُشهدا على الأوصاف؛ حتى لا يتنازعا، والإشهاد مستحب غير مستحَق، ولا يستحق الإشهاد إلا في النكاح.
وإن كان الجنس المطلوب مما يختص بمعرفة صفته المتعاقدان فيما زعما، فالسلم باطل؛ فإن المطلوب مجهول عند الناس. ولو تشاجر المتعاقدان لم يُدْرَ كيف تداعيهما، وعاد مقالهما تراطناً بينهما. وعقد السلم عقد غرر، فينبغي أن يُتوقَّى أمثالُ ذلك، ولو لم تُجتنب، لانضم إلى أصل الغرر في العقد وترتب منهما عَماية.
ولو كانت تلك الصفة بحيث يعرفها عدد الاستفاضة، فيصح العقد، ولا يشترط حضور أحد، بل يشترط ما ذكرناه، ليعرف عند النزاع تناكرهما (١) وتقارّهما (٢).
وإن عرف الصفة عدلان، فهل يعتمد العقد معرفتهما حتى يصح؟ أم لا بد من عدد الاستفاضة؟ فعلى وجهين.
وزعم الإمام أن هذا القياس يطرد في تعيين المكيال على ما سنعقد فيه فصلاً.
والذي نعجله منه أنهما لو ذكرا مكيالاً شائعاً، صح التقدير به إذا كان يعرفه أهل الاستفاضة. فإن ذكرا مكيالاً زعما أنهما يعرفانه، وكان لا يعرفه غيرهما، فالسلم باطل. وإن كان يعرف ذلك المكيالَ عدلان، فوجهان إذا لم يَشع العلمُ في عدد الاستفاضة.
وليس ما استشهدنا به في تعيين (٣) المكيال إشارة إليه؛ فإن ذلك فن يأتي. وإنما هذا في ذكر مكيال معلوم أو مجهول، كما فصلنا.
وهذا الترتيب حسن.
ولكن فيما وقع القطع بفساد السلم فيه احتمال. والأظهر الفساد.
(١) ناكره: أي خادعه وداهاه. (معجم).
(٢) في (ص)، (ت ٢): أو تفارقهما.
(٣) في (ت ٢): تغيير.