منه، لا سبيل إليه. وإن كانت القيم تختلف بهذا اختلافاً بيناً.
والكلام في صفاتٍ تداول أهل البصائر اللهج بها كالدَّعج والكَحَل، وكون الوجه مُكَلْثماً، أو أسيلاً. وهذا موضع النظر. فلم أر للعراقيين التعرضَ لهذا. واعتبرها شيخنا. فلو وصف في السلم عضواً أو أعضاء، ولم ينته إلى العزة، فلا بأس.
ولكن لا يشترط الخوض فيه؛ إذ لو شرط الخوض فيه، لاشترط استيعابه، وفي الاستيعاب العزة، وفي ذكر البعض قبل الانتهاء إلى العزة تحكم.
فإن قيل: ليصف إلى أن ينتهي إلى إمكان العزة. قلنا: من أي طرف يبتدىء؟
فإن قال قائل: فما قولكم في التعرض لكونها خميصةً، مثقلةَ الأرداف، ريانة السيقان، شَثنِةَ الأصابع. قلنا: هذا كالكَحَل والدعج. وقد مضى قول الأصحاب فيه.
٣٥٠٣ - فقد تَنَخَّل من مجموع ما ذكرناه أنه يذكر في الحيوان ما يذكر في سائر الأجناس التي يُسلَم فيها، أو يذكر فيها ما يداني المذكورَ فيها، كما ذكرناه في الطول والقصر، فإنه يداني القدر في المقدَّرات، أو الطولَ في المذروعات.
ووصف كل عضو مع إمكانه لا يشترط. وكل صفة نقيضها عيب، فلا حاجة إلى ذكرها، وهي كثيرة، والأمور الجُمليّة التي تذكر في الترغيبات، وتوجيه الطلبات نحو الحيوانات كالكَحَل، والدعج، ودِقة الخصر، وثقل الأرداف، وتكلثُم الوجه، وما في معانيها في محل الخلاف، لم يشترطها العراقيون، وشرطها المراوزة.
وموضع زلل العراقيين قولهم: لا يشترط القدّ وذكره، وهذا خطأ؛ فإن أهل العراق (١) مطبقون على ذكره، والقيمةُ تختلف به، ولا يفضي الأمر إلى العزة، وهو على مضاهاة الأقدار في المقدَّرَات. ولا شكّ أن الحِرفَ، وإن كانت مقصودة، فلا يشترط التعرض لها.
(١) المراد بأهل العراق هنا سكّانه وقاطنوه، وليس فقهاء المدرسة العراقية من الشافعية. وإلا كان الكلام متناقضاً. وقد أشرنا آنفا إلى تعقب النووي لإمام الحرمين. وتخطئته في هذا النقل عن العراقيين.