ففي المسألة طريقان: من أصحابنا من قال بإجبار ذي الحق. فيقال له: إما أن تقبل، وإما أن تبرىء ذمته من الدين.
ومن أصحابنا من ذكر في ذلك قولين أيضاً؛ فإن مستحق الدين يقول: الحق لي، وإليّ طلبه، فليس لمن عليه الحق أن يحتكم عليَّ في طلب الحق.
ومما يجب التَنبُّهُ له أنا في الدين المؤجل فصلنا بين المعذور وبين ما لا عذر له، وإذا حل الدين، فنقول: أما جانب مستحق الحق، فلا يختلف بأن يكون معذوراً، ووجه بيّن. وأما المعطي، فإن كان معذوراً، أُجبر صاحبه على القبولِ قولاً واحداً.
ولم يجر القولان؛ من قِبَل أن العذر يوجب قبول ما يَنْقُدُه من الدين المؤجل، فما الظن بالدين الحالّ؟
ثم إذا وجد العذر في الجانبين، والدّين حال، فصاحب الحق مجبر على القبول قولاً واحداً؛ فإنا قد أوضحنا أن عذر مستحق الدين لا اعتبار به إذا كان الدين حالاً.
ثم حيث يجبر على القبول، فإن لم يقبل، قبض القاضي عنه، أو أناب من يقبض.
وإذا جرى ذلك، فقد برئت ذمة المديون، وكان المال أمانةً لمستحق الحق في يد الحاكم، أو في يد من أنابه.
٣٥١٣ - وممّا يتصل بهذا أن من عليه الحق إذا ظفر بمستحق الحق في غير المكان المتعيّن شرعاً أو شرطاً، وأراد إجبار مستحق الحق على القبول، فالتفاوت في المكان كالتفاوت في الزمان: فإن كان على الناقل مؤونة، لم يجبر مستحق الحق على قبوله، وهو يناظر في الزمان ما إذا ظهر غرض بيّن في الامتناع قبل الحلول.
وإن لم يكن في نقل المستحق مؤونة، فهل يجبر مستحِق الحق على قبوله في غير المكان المستحق؛ فعلى القولين المقدمين فيه، إذا جاء بالحق قبل حلول الأجل؛ فالتفاوت المكاني في الحكم الذي أردناه كالتفاوت الزماني.
فرع:
٣٥١٤ - تردد الأئمة في السلم في الثوب الذي يصبغ بعد نسجه، فيما ذكره العراقيون: فأجازه بعضهم، وهو ما قطع به الإمام.
ولا خلاف في جواز السلم في الثوب الذي ينسج بعد الصبغ.