قلنا: يمتنع رهنُ المكرَى، الأصح أن الإجارة تكون رجوعاً. ومن أصحابنا من لم يجعلها رجوعاًً على هذا القول. وهو بعيد.
ولو دبر العبدَ قبل القبض، فالمنصوص أن ذلك رجوع عن الرهن، وخرَّج الرّبيعُ قولاً آخر أنه لا يكون رجوعاًً، وهذا منقاس؛ إذ بيع المدبَّر جائز عندنا، وهذا كاختلاف القول في أن المدبر هل يجوز رهنه.
ولو دبر عبداً، ثم رهنه، ففيه كلام يأتي بعد هذا على قرب. وكل ذلك ينشأ من نصّ الشافعي: في أن من أصدق امرأته عبداً، فدبرته، فطلقها الزوج قبل المسيس، فهل يرجع في نصف المدبر؟ فيه كلام سيأتي، إن شاء الله عز وجل.
وسأجمع -بتوفيق الله- مراتب الكلام في الرجوع في كل فن يقبل الرجوع، في باب الرجوع عن الوصايا. وقد قدمت طرفاً منه في أول البيع.
فصل
قال: " وما جاز بيعه جاز رهنه ... إلى آخره " (١).
٣٥٢٩ - قال الأصحاب: الأشياء في البيع والرهنِ على أربعة أقسام: أحدها - ما لا يجوز بيعه، ولا يجوز رهنه ككل ما لا يُملَك، وكالموقوف، وأم الولد، والآبق، وما لا يتمول.
والقسم الثاني - ما لا يجوز رهنه، وفي بيعه تفصيل، ومنه الدين، فإنه لا يجوز رهنه وفي جواز بيعه خلاف، وقد يلتحق بهذا القسم المدبر والمعلق عتقُه بصفةٍ، فإن بيعهما نافذ، وفي رهنهما كلام سيأتي.
والقسم الثالث - ما يجوز رهنه على وجه، وفي بيعه خلاف، ومنه العقد على الأم دون الولد، وعلى الولد دون الأم. هذا جائز في الرهن، وفي البيع كلام.
والقسم الرابع - ما يجوز بيعه ورهنه، وهو معظم الأعيان المملوكة على الإطلاق.
وسنلحق بكل قسم ما يليق به في مسائل الكتاب، والذي ذكرناه الآن تراجم.
(١) ر. المختصر: ٢/ ٢١٠.