المجلس وعاد وأبدى عذراً، فيتجه تنزيل هذا منزلة ما لو أبدى عذراً في مخالفة الشهود.
وإن أقام الفقيه لما يجري في مجلس القضاء مزية، واعتضد فيه بأمر يتعلق بخرم أبهة القضاء والغض من مجالس القضاة، وذلك أن الرجل إذا أقر بين يدي القاضي، ثم قال على الفور: كذبت أو أخطأت، فحلّف خصمي، فهذا مما لا يعتمد مثله. ولو فرض، لم نشك أن القضاة الأولين كانوا لا يسعفون بالتحليف، بل ربما (١) كانوا يرون ذلك لو وقع من مظانّ التأديب والتعزير. وكل هذا والمذكور إقرار.
فأما إذا شهد عدلان على فعل الإقباض، فقال المشهود عليه للقاضي: حلّف خصمي، لم يجب إلى ذلك؛ فإنه كذبَ الشهودَ، وليس كذلك إذا شهدوا على الإقرار، فإنه في طلب التحليف ليس يكذِّب الشهود وإنما يجمع بين تقدير ذلك الإقرار وبين وجهٍ ممكن.
وهذا معترِض في هذا الباب، واستقصاء أصله وتفصيله في كتاب الدعاوى.
فصل
قال: " والقبض في العبد والثوب ... إلى آخره " (٢).
٣٥٤٨ - أراد الشافعي أن يتكلم في طرف من كيفية القبض. وقد مضى استقصاء هذا في البيع، وبيّنا ثَمَّ ما يكون قبضاً في المنقول، وما يكون قبضاً في العقار.
والذي يقع الاكتفاء به هاهنا أن ما يكون قبضا ناقلاً للضمان في البيع، فهو قبض في الرهن؛ فإن صور القبوض لا تختلف باختلاف المقاصد.
قال القاضي: ذكرنا قولاً في كتاب البيع في أن التخلية في المنقولاتِ هل تكون قبضاً أم لا بدّ من النقل؟ وهذا لا يخرّج في الرهن والهبة؛ من جهة أن خروجه اتجه في البيع بكون القبض مستحقاً فيه، فإذا ارتفع حجر البائع -وهو مستحِق الحبس-
(١) ساقطة من الأصل. وأثبتناها من (ت ٢)، (ص).
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٢١٠.