والقدرُ المتعلق بكتاب الرهن أن من ارتهن عبداً مرتداً، وصححنا الرهن، فقبضه، ثم قتل في يده بالردة، نظر: فإن لم يكن الرهنُ مشروطاً في بيعٍ، فلا أثر لما جرى، وقد ارتفع الرهن بفوات المرهون. وإن كان الرهن مشروطاً في بيع، فإذا قتل العبد في يد المرتهن، ففيه الخلاف المقدم ذكرُه في البيع: ففي وجهٍ يُجعل كما لو قتل في يد الراهن، ولو قتل في يده، لما كان وافياً بالرهن المشروط، ثم حُكمه أن يتخير البائع في فسخ البيع؛ فإن من شرط رهناً، فلم يتفق الوفاء به، ثبت له الخيار.
وسيأتي بيان هذا الأصل.
وإن قلنا: المرتد في يد المرتهن محسوبٌ عليه، فقد توفر عليه المشروط، فلا يثبت له حق فسخ البيع.
٣٥٨٧ - ويتصل بهذا الفصل أن الرهن إذا كان مشروطاً، ثم اتفق ضياعه في يد المرتهن، ثم اطلع المرتهن على عيب بعد فوات الرهن، فهذا من غوامض الأحْكام في الرهن. وهو بين أيدينا. ولكن نُنْجز منه شيئاً.
فنقول: إن اطلع على عيب وأمكن الرد ورَدَّ، ففائدة ذلك أن يتخيّر في فسخ البيع.
وإن عسر الرد بالتلف، وقد فرض الاطلاع من بعدُ، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه قد فات الأمر؛ فإن الرد غير ممكن، والأرش لا وجه له؛ فإن الأرش استردادُ جزءٍ من الثمن.
والوجه الثاني - أنه يثبت للمرتهن حق فسخ البيع؛ لأن النقصان الذي اطلع عليه في حكم جزء لم يصل المرتهن إليه، ولم يتحقق الوفاء بالشرط فيه، فهو كما لو شرط رهن أشياءَ، فاتفق الوفاء برهن بعضها دون بعضٍ، فالخيار ثابت.
ونص الشافعي يميل إلى هذا.
فإذا ارتهن مرتداً، فقتل في يده، وفرعنا أنه محسوب عليه، فلو اطلع على الردة من بعدُ، فهذا ما ذكرناه من الاطلاع على العيب بعد فوات الرد.