قول قبول الإقرار. ويبعد في مسالك الأقارير أن يرد لمكان نكولٍ عن يمين، مع رد يمين، وبعُدَ علينا أن نعطِّل أثر اليمين بالكلية، فقلنا في قولٍ يستخرج العبد من يد المرتهن؛ فقول الراهن إذن ليس إقراراً، بل كأنه قولٌ مقبول ممن يظهر صدقُه، كقول المودعَ في الرد، وقول كل مدّعىً عليه، ومساق هذا يوجب تثبيت الرهن في يده إذا حَلف على خلاف قول الراهن.
وإن قلنا: العبد يستخرج من يد المرتهن، وإن حلف (١)، فقولُ الراهن إقرارٌ في حقه. ولكنه لو حلف، لأبان بحلفه أن أصل الرهن لم يكن، فإذا لم يحلف وحلف المرتهن غرّمنا الراهن في حق المرتهن، كالمعتِق لما انجر إليه من التهمة لما نكل، فألزمناه القيمة لهذا التخيّل (٢). وهذا ضعيف، ولكن نقله الأئمة المحققون.
فإن قلنا: يبقى الرهن في يد المرتهن، فلا كلام، وإن قلنا: يغرم الراهن له القيمة، فهل يثبت له الخيار؟ فعلى وجهين: أصحهما - أنه يثبت؛ لأنه لم يسلم له الرهن في العبد الذي عينه. والوجه الثاني - أنه لاخيار له، كما لو سلّم العبد المشروط ثم أتلفه؛ فإنه يلتزم قيمته ولا خيار للمرتهن.
من قال بالأول انفصل عن الإتلاف بأَنْ قال: لما أقبضه، فقد وفاه حقَّه، وصار وافياً بشرطه، فانقطع الخيار لذلك. وقول الجاني فيما نحن فيه له انعكاس على أول الرهن؛ من قِبل أنه يُشعر بأن الرهن لم ينعقد.
فليتأمل الناظر تردد الفقهاء عند تركّب الموجَبات والمقتَضيات.
ثم إن قلنا: تقر العين المرهونة في يد المرتهن، فهل يغرم الراهن للمجني عليه؛ فعلى قولين مقدمين؛ من جهة أنه بنكوله حقَّقَ الحيلولةَ بين ذي الحق وبين محل حقه.
ولهذا نظائر ستأتي مشروحة في كتاب النكاح، إن شاء الله تعالى.
وكل ما ذكرناه تفريع على أن رهن العبد الجاني الذي في رقبته أرشٌ باطل.
(١) في الأصل: "خلف". (وهذا عجيب من نسخة الأصل التي لا نقط فيها أصلاً، إلا أقل القليل، من الكلمات المشتبهات. فكيف نقطت هذه؟).
(٢) في (ص): التخير، (ت ٢): التخيير.