وقوف الأمر فيه على نحو ما قررناه في المرهون بعد القبض، وقال القاضي: النص ما ذكرناه في الرهن والبيع وهو الأصل.
وكان لا يمتنع في القياس أن نقول: العصير المبيع إذا استحال خمراً، والخمر ليست بمالٍ، فالعقد قد عدم موردَه ومحلَّه، فإذا انقلبت الخمر خلاً، فالقياس أن نجعل هذا على قياس عَوْد الحِنْث فيه إذا علق الرجل طلاقاً أو عتاقاً، ثم بت النكاح، وأزال الملك عن الرقبة، فلو فرض عودٌ بعقدٍ، ففي حكم التعليق السابق في الملك والنكاح اللاحقين قولان مشهوران.
ووجه التشبيه أن العقد في استحالة العصير خمراً على حالةٍ، لو فرض ابتداءُ العقد، لم يثبت لانعدام المحل، لا لعجزٍ أو غيره من الموانع. والأمر على هذا الوجه في عود الحِنْث، فإن النكاح انبتَّ، وكذلك الملك، ولم يبق محلٌّ يفرض فيه نفوذ طلاق أو عتاق. ثم كان في العوْد ما ذكرناه.
فإن كانت الخمرة تستحيل بنفسها، واعتقد المعتقد ذلك فرقاً، فهذا لا يعارض الفقه الذي ذكره القاضي من تحقق انعدام المحل، ولكنه لم يذكر هذا إلا منبهاً على طريق المعنى. والمذهب ذاك الذي نقلناه (١).
وكل هذا في استحالة العصير بعد القبض.
٣٦١٧ - فأما إذا استحال العصير خمراً قبل القبض، فإن جرى الإقباض على الشدة، فالقبض فاسد.
ولو استحالت خلاًّ، فلا عود للرهن؛ فإن الركن الأعظم جرى على الفساد. وهو كما لو رهن الخمرة المحترمة، ثم استحالت، فالعقدُ على الفساد، ولا ينقلب إلى الصحة بسبب انقلاب الخمر. ولو استحال العصير خمراً قبل القبض، وانقلب خلاً قبل القبض، فهل يفسد الرهن فساداً لا يعود بالانقلاب إلى الحموضة؟ فعلى وجهين: أحدهما - يفسد لانعدام المحل في حال جواز الرهن وضعفه؛ إذ هو غير منتهٍ إلى اللزوم بعدُ.
والثاني - يعود العقد، كما ذكرناه بعد القبض.
(١) في (ص)، (ت ٢): ذكرناه.