المؤثر بين الوالد والولد، ثم بين جميع المحارم.
وقدرُ غرضنا الآن أن صحة البيع الواقع على حكم التفرقة فيها قولان: أحدهما - وهو الجديد أن البيع باطل. والثاني - وهو القديم أن البيع صحيح.
قال الشافعي: لو رهن الأمَّ دون ولدها أو على العكس، فالرهن صحيح؛ لأن ذلك ليس بتفرقة بينهما.
واختلف أصحابنا في معنى هذا اللفظ، فمنهم من قال: معناه أن الرهن لا يوجب التفرقة؛ فإن منافع الأم للراهن، فيجمع بين الأم وولدها، ويكلفها احتضانه وإرضاعه. ومنهم من قال: معنى قوله: إن ذلك ليس بتفرقة أن البيع منتظرٌ، فإذا مست الحاجة إليهِ، لم يفرق بين الأم والولد، فإذا ثبت صحة الرهن (١) فإذا مست الحاجة إلى البيع بأن حَلّ الدينُ، فهل يجوز إفراد الأم بالبيع - والتفريع على أن التفريق مفسد للعقد؟ على هذا القول وجهان: أحدهما - أن البيع يبطل إذا تضمن التفريقَ؛ طرداً للقياس. والثاني - لا يبطل؛ لأن هذا بيع قهري، ولا يمتنع التفريق قهراً لأمر شرعي، وهذا كما لو كان للجارية ولد صغير حُر، فبَيع الأم جائز، والحرية فرقت بين الأم والولد. كذلك اختصاص الرهن بالجارية يوجب تخصيصه بالبيع.
التفريع:
٣٦٢٧ - إن قلنا: تباع الجارية والولد عند مَحِل الدين، وهو الذي نص عليه الشافعي، فلا حظ للمرتهن في الولد، وقد جرى البيع في الأم والولد، فإذا أردنا توزيع الثمن على الجارية والولد، فما وجه التوزيع؟
هذه المسألة تقتضي تقديم أخرى عليها، وهي بين أيدينا، ولكنا لا نجد بُدّاً من ذكرها الان في غرضٍ لنا.
فنقول: من رهن أرضا بيضاء، وكان فيها نوى، فقبض المرتهن الرهنَ، ثم أنبتت النوى أشجاراً، فلا سبيل إلى قلعها، ولكن إذا حل الحق وبعنا الأرض والغراس، فكيف يقبض الثمنَ المأخوذَ على الأرض والغراس؟ اختلف أئمتنا في ذلك، فقال بعضهم: تقُوّم الأرض بيضاء فإذا قيمتها مائة، ثم نقوّمها مع الغراس،
(١) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.