الحيَّ يتحدثون عن عروة، ولم يكن ذلك الحديث في جملة المجهولات.
وقال مالك في القسامة: أخبرني رجل من كبراء قومه، وفي الصحيح عن الزهري: حدثني رجال عن أبي هريرة: " من صلى على جنازة، فله قيراط ".
وانظر الفقيه والمتفقه: ١/ ١٨٨، ١٩٠، وإعلام الموقعين: ١/ ٢٠٢. اهـ كلام الشيخ شعيب الأرنؤوط بنصه (١). وانظر جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر: ٥٥٢.
فهذا اتهام الذهبي ودليله، وما قاله أهل الصناعة في هذا الدليل.
ولكنا نريد أن نؤكد ما قلناه من أن إمام الحرمين لا يعني بقوله: " إنه مدون في الصحاح " إنه في الصحيحين، وأن (الصحاح) يطلق على الكتب الستة، كان ذلك وما زال.
فمن ذلك قول محدث العصر الشيخ أحمد شاكر في مقدمته الماتعة لسنن الترمذي، وهو يتحدث عن سبق المسلمين إلى صناعة الفهارس، قال: " وهذه كتب رجال الحديث أكثرها وضعت كتباً على معنى الفهارس، فإنك تجدهم يذكرون الراوي المترجم، ويذكرون أين روايته من الكتب الستة، خصوصاً فيما صنع لتراجم الرواة في الصحاح الستة أو السبعة " انتهى بنصه (٢).
فهل يبقى لاتهام الذهبي سندٌ بعد هذا.
* وشيخ الإسلام ابن تيمية:
لقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية في إمام الحرمين، وعلمه بالحديث في أكثر من موضع، في أكثر من كتاب من كتبه، وسنكتفي منها بموضعين:
الأول - جاء في كتاب (الفتاوى الكبرى): " ... ولم يكن الواحد من هؤلاء -يعني إمام الحرمين، والغزالي، وابن الخطيب- يعرف البخاري ومسلماً، وأحاديثهما
(١) ر. تعليقات الشيخ شعيب على سير أعلام النبلاء: ١٨/ ٤٧٢.
(٢) مقدمة الشيخ شاكر لسنن الترمذي ص ٥٥.