المستعير إذا صرف ثمنَ العبد إلى دينه، حيث يصح ذلك، فالسيد يرجع على المستعير، فإنْ بِيع بمقدار قيمته، فلا كلام.
وإن كانت قيمتُه ألفاً واتفق بيعه بألفٍ ومائةٍ، فمالك العبد بكم يرجع على المستعير إذا صرف الثمن كاملاً في دينه؟ هذا ينبني على القولين: فإن قلنا: الرهن ضمان، فالرجوع على المستعير بالثمن بالغاً ما بلغ، ووجهه بيّن. وإن فرعنا على قول العارية، فالرجوع على المستعير بكم؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يرجع عليه بالثمن أيضاًً، وهو قياس بيّن. والثاني - أن المعير يرجع على المستعير بالقيمة، ولا يجد مرجعاً بالمائة الزائدة عليها؛ فإن العارية سبيلُ ضمانها القيمةُ، فلا يرجع المعير إلا بها، ولا يرجع بالزائد عليها.
وهذا ضعيفٌ في القياسِ، ولا أصل لاستبداد المستعير بالزائد على القيمة، وهو من ثمن ملك المعير، ولم يجرِ ما يتضمن اختصاصَ المستعير به. وهذا الوجه على ضعفه لم يَحْكِ القاضي على قول العارية غيرَه.
وممّا يتفرع على القولين أن العبد المستعار لو كانت قيمتُه العدل مائة، فبيع بمائة إلا دينار (١) أو أكثر، ولم ينته النقصانُ إلى مبلغٍ يعد غبناً، بل كان مقداراً يتغابن الناسُ في مثله. فإذا جرى ذلك، وصرفه المستعير إلى دينه. فإن قلنا: الرهن ضمان، لم يرجع المعير على المستعير إلا بمقدار الثمن. وإن قلنا: الرهن عارية، رجع المعير بالقيمة الكاملة، وهي المائة، ولم يحط القدرَ الذي يتغابن في مثله.
٣٦٨٣ - ومما نفرعه أنا إذا قلنا: الرهن عارية، فلا حاجة إلى إعلام القدر الذي سيقع الرهنُ به، ويكفي أن يستعير عبدَه مطلقاًً، ويستأذنَه أن يرهنه ولا يشترط أن يُبيِّن جنسَ ما يقع الرهن به، وقدرَه، ولا كونَه حالاً أو مؤجلاً.
وإن قلنا: الرهن ضمان، فلا بد من إعلام الجنس، والقدر، والتعرض لبيان
(١) كذا في النسخ الثلاث (دينار) غير منصوبة، وقد سبق نظير لذلك، وأشرنا في تعليقنا إلا أنه لا وجه له إلا ما جاء بالرفع في روايةٍ للحديث الشريف: " كل أمتي معافىً إلا (المجاهرون) " .. !؟