شقي العقد؛ وليس الشرط في معنى الاستدعاء؛ إذ صيغةُ الاستدعاء: أن يقول: ارهن مني دارَك هذه بألفٍ، فإذا قال: رهنتكها بالألف، كفى ذلك، على الصحيح.
ومن قال بظاهر النص، احتج بأن الرهن وإن كان عقداً قائماً، يتعلق (١) بالبيع من جهة الشرط، فيجوز أن يقوم الشرطُ فيه شِقّاً، بخلاف العقد الذي لا يكون مشروطاًً في عقد، وهذا ضعيف.
فإن قيل: كيف تُؤوّلون ظاهرَ النص؟ قلنا: ليس التعرض للإيجاب والقبول من مقاصد الفصل؛ فلم يفصله الشافعي؛ فالقبول مضمرٌ معنى، وإن لم يصرح به.
٣٧٠٠ - ثم إنما يصح شرط الرهن إذا عُيِّن، ولا يسوغ اشتراطُ رهنٍ مطلقاًً وفاقاً، ولو شُرط رهنٌ على الجهالة، كان الشرط فاسداً. وعند ذلك يختلف القول في فساد البيع، كما سيأتي، إن شاء الله تعالى.
وكذلك إذا كان يشترط في العقد ضميناً بالثمن، فلا بد من تعيينه؛ فإن الأغراض تختلف بمراتب الضمناء.
وإذا شرط رهناً معيناً، فهل يشترط بيان من يوضع على يديه، فوجهان: أحدهما - لا بد من ذلك؛ فإن الغرض يختلف به. ومنهم من قال: لا يشترط، لأن الرهن هو الوثيقة، وهو متعين لا جهالة فيه، وظاهر النص مع الوجه الأول.
وإن فرعنا على الثاني، فإن اتفقا على يد عدلٍ أو على يد المرتهن، فذاك. وإن تنازعا، رفع الأمرُ إلى الحاكم؛ حتى يعيِّن عدلاً، ويقطع الخصومة بينهما. فإن عين رهناً، فلم يفِ المشتري برهنه، ثبت الخيار للبائع في فسخ البيع، وكذلك إذا كان عيّن كفيلا في شرطه، فامتنع ذلك الشخص من الكفالة، تخير البائع. ثم إذا ثبت الخيار في البيع، فإن فسخ فذاك، وإن أجاز، ورضي، لزم العقد، ولم يتخير المشتري. وقال مالك يتخير المشتري، وتعرَّض الشافعي للرد عليه بما لا نحتاج إلى ذكره.
(١) جملة " يتعلق " في محل نصب صفة ثانية لـ" عقداً ".