تفسيقهما؛ من تقدير غفلة أو ذهول. وبالجملة ليس من الرأي ابتدار التفسيق مع اتجاه احتمالاتٍ لا فسق فيها.
فرع:
٣٧٢٠ - إذا رهن شيئاًً وسلمه إلى المرتهن، فمات المرتهن وقال: لا أرضى بيد الورثة، فكيف السبيل فيه؟ المذهب الأصح أن الأمر يرفع إلى القاضي، فينصب القاضي عدلاً، ويضع الرهن على يده. نقل العراقيون فيه نصَّ الشافعي، وخرّج منه أن للراهن إزالة يد الورثة، ولا فرق بين أن يكونوا عدولاً، وبين أن يكونوا دون مورثهم في الثقة والعدالة.
وقال بعض أئمتنا: لا يزيل القاضي أيدي الورثة؛ فإنهم استحقوها خلافة ووراثة. نعم، للقاضي أن يضم إلى أيديهم يداً إذا استدعاه الراهن، فأما إزالة حقوقهم، فلا سبيل إليه.
فرع:
٣٧٢١ - إذا أراد العدلُ أن يسلم الرهن إلى القاضي، والراهن والمرتهن جميعاً حاضران، فليس له ذلك قبل عرض الأمر عليهما، وليس للقاضي أن يقبله إذا أحاط بالحال، فلو سلم، (١) من غير مراجعة، توجه الضمان على العدل.
فأما إذا غاب الراهن والمرتهن إلى مسافة القصر، فللعدل التسليم إلى الحاكم.
وإن كان دون مسافة القصر، فليس له الرفع إلى الحاكم حتى يستأذنَهما. ولا يمتنع عندنا اعتبار مسافة العدوى (٢) في ذلك، حتى يقال: إن كانا على مسافة العدوى، فلا بد من مراجعتهما، وإن كانا (٣) فوق مسافة العدوى، ففيه تردد.
ولو كانا حاضرين، فعرض عليهما، فامتنعا من الاسترداد، فيرفع الأمرَ إلى القاضي حينئذ، حتى يحملهما على الأخذ منه، ثم لا يخفى منتهى الكلام في ذلك.
* * *
(١) في الأصل: سلّم.
(٢) مسافة العدوى: قال ابن فارس: العدوى طلبك إلى والِ ليُعديَك على من ظلمك، أي ينتقم منه باعتدائه عليك. والفقهاء يقولون: " مسافة العدوى " وكأنهم استعاروها من هذه العدوى؛ لأن صاحبها يصل فيها الذهاب والعود بعدوٍ واحد، لما فيه من القوة والجلادة. (المصباح).
(٣) في الأصل: كان.