أمراً، وذلك إذا كانت القيمة أكثرَ من الثمن المسمى، فإذا ضارَب بالقيمة، كانت حصته أكثر من حصته في المضاربة بالثمن. قلنا: الأمور (١) تحمل على اعتدال، والغالب أن القيمة كالثمن. وإن فرضت زيادتها تارة، لم يمتنع فرض نقصانها أخرى.
وقد قال بعض أئمتنا بالمضاربة بالقيمة إذا ظهرت الفائدة. وحكى الإمام ذلك، وحكاه غيرُه على ندور، واشتهر بين الخلافيين.
٣٨٠١ - فإن قيل: ينبغي ألا يفسخ إذا قدمه الغرماء بتمام الثمن، قلنا: له الفسخ وإن قدموه؛ لمعنيين: أحدهما - أنه ربما لا يرضى بتقلّدِ منةٍ منهم، ويأبى إلا ما أثبته الله تعالى له. والثاني - أنه لا يأمن ظهور غرماء لا يرضَوْن بتقديمه.
فإن قيل: قد استشهدتم بالانقطاع في المُسْلَم فيه، وذلك لما أَثْبتَ حقَّ الفسخ، لم يفرق فيه بين أن يكون رأسُ المال قائماً أو تالفاً. قلنا: السبب فيه أن المُسْلَم إليه إذا لم يكن مفلساً، فالرجوع إلى بدل رأس المال ممكن معه؛ إذ لا مضاربة حيث لا حجر.
فإن قالوا: لو أفلس المُسْلَمُ إليه وحُجر عليه وجنس المُسْلَم فيه غير منقطع، فماذا ترون؟
قلنا: يفسخ المسلِمُ، ويرجع إلى رأس المال رجوع البائع إلى المبيع. فلو كان رأس المال تالفاً في هذه الحالة، وجنس المسلَم فيه غير منقطع، فلا يثبت الفسخ بسبب فوات عين رأس المال، ومسيس الحاجة إلى المضاربة، كما قدمناه؛ فلا فرق بين الفلس بالمُسْلَم فيه، وبين الفلس بالثمن.
فإن قيل: لو اجتمع فَلَسُ المسلَم إليه، وانقطاعُ جنس المسلَم فيه، فماذا ترون؟ قلنا: اختلف أصحابنا في هذه المسألة، فمنهم من قال: لا يثبت الفسخ مع الفلس إذا لم يجد مَنْ يُقدَّرُ فاسخاً عيناً يُقدّم (٢) بها؛ لأنه لو فرع، لاحتاج إلى المضاربة، والفسخ إنما أثبت للخلاص منها. وظاهر المذهب أنه ثبت حق الفسخ في هذه الصورة؛ لأنه يستفيد بالفسخ الوصولَ إلى بعض حقه عاجلاً، ولو لم يفسخ، لأنظره
(١) في (ت ٢): (الأصول).
(٢) في الأصل: ويقدم بها.