٣٨٠٧ - ومما نثبته في أصل الكتاب توطئةً للقواعد أن أصحاب الديون الحالّة يتضاربون في مال المفلس، واختلف القول في الديون المؤجّلة، فأحد قولي الشافعي أنها تحل بالحجر، كما تحل الديون المؤجلة بالموت. والقول الثاني: إنها لا تحل.
فإن قضينا بحلولها، اضطربوا مع المضطربين، وإن حكمنا بأنها لا تحل، فالمال العتيد الموجود مصروف إلى أصحاب الديون الحالة، وأصحاب الدُّيون المؤجلة يؤخَّرون. ثم إذا حلت آجال ديونهم بعد فضّ المال على الديون الحالة، لم يملكوا أن يرجعوا بشيء مما تضارب أصحاب الديون الحالة.
وسيكون لنا إلى تفصيل القول في حلول الآجال عودة، إن شاء الله تعالى.
فصل
قال: " فإن تغيرت السلعة بنقصٍ في بدنها ... إلى آخره " (١).
٣٨٠٨ - إذا أفلس المشتري، فالمبيع لا يخلو إما أن يكون تالفاً أو قائماً: فإن كان تالفاً، لم يثبت للبائع حق فرع العقد، وليس له إلا مضاربة الغرماء بمقدار الثمن، كما قررناه فيما تقدم.
فأمّا إن كان قائماً، فلا يخلو إما أن يكون متغيراً في ذاته، أو غير متغير. فإن لم يكن متغيراً، لم يخل إما أن يكون خرج عن ملك المشتري، ثم عاد إليه، أو لم يكن خرج عن ملكه. فإن كان خرج عن ملكه، ثم عاد إليه، ثم أفلس، نُظر: فإن عاد بهبة، أو وصية، أو إرث، ففي المسألة وجهان: أحدهما - يرجع نظراً إلى قيام
= الموت: قد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة على الحي، فحكمتم بها على ورثته، فكيف لم تحكموا في المفلس في موته على ورثته، كما حكمتم عليه في حياته؟ " مختصر المزني (٢/ ٢١٩).
فاستشهاد إمام الحرمين بكلام الشافعي هذا في الرد على مالك، يشهد بأن ما كان في النسختين عكس ما يريده المؤلف، مما سوّغ لنا هذا التصويب. والله أعلم.
(١) ر. المختصر: (٢/ ٢١٩، ٢٢٠).