المشتري يتخيّر: إن شاء فسخ البيع بالعيب الحادث في يد البائع، وإن شاء أجازه بتمام الثمن.
هذا سبيل البائع مع المشتري فيما نحن فيه.
٣٨١٧ - ولو حدث النقصُ بجناية، لم يخل إمّا أن يكون الجاني أجنبياً، وإمّا أن يجني المشتري: فإن كان أجنبياً، فلا شكّ أنه يلتزمُ الأرشَ للمشتري. ثم الأصح أنه يلتزمه باعتبار النسبة إلى الجملة، فجراح العبد من قيمته كجراح الحرّ من ديته، فإن كان قطع يداً، أو عوَّر عيناً، فنصف القيمة واجبٌ على الجاني.
وإذا آل الأمر إلى البائع (١)، قلنا له (٢): أرش العيب (٣) على الجملة محطوط عنك؛ فإنَّا وجدنا للضمان فيه متعلَّقاً. فإذا لم يتعطل ذلك العيب في نفسه، لم يطوّق البائع أمره مجَّاناً، ولكن المعتبر في حق البائع نقصان القيمة، لا التقدير الشرعي المتعلق بنسبة الأعضاء إلى جملتها. وبيان ذلك أنَّ الجاني التزم للمشتري بقطع يده نصفَ القيمة، وكان انتقص (٤) ثلث القيمة بالسوق، فيعتبر في حق البائع نقصانُ السوق، فنقول: كأنك ظفرت بثلثي المبيع، فارجع فيما وجدت، وضارب الغرماء بثلث الثمن، ويصير نقصان الصفة في هذه القسمة بمثابة نقصان الجزء.
فإن قيل: هلا اعتبرتم تقدير الشرع في حق البائع؟ قلنا: الأطرافُ تتقدرُ في الجناية، فأمَّا المعاوضاتُ، فالأعواض تتقسط على المعوَّضات باعتبار القيم، وأرش الجناية تقدير الشرع.
ولو التزمنا هذا، فربما يلقانا محالٌ لا سبيل إلى التزامه؛ فإن الجاني لو قطع يدي عبدٍ معا، فعليه كمالُ قيمته، فإذا أفلس مشتري ذلك العبد بالثمن، لم يمكنا أن نقول: ليس العبد الأقطع موجوداً، ويستحيل أن نثبت حقَّ الرجوع فيه، ثم نُثبت المطالبةَ بجملة الثمن، نظراً إلى ما وجب على الجاني.
(١) آل استحقاق الأرش إلى البائع.
(٢) قلنا له: أي للمشتري.
(٣) في الأصل: العين.
(٤) (ت ٢): النقص.