تكثر في التقويم، ليكثر ما يرجع به.
فيلتأمل الفطن أول هذا الكلام؛ فإنه منشأ غائلة الفصل، فقد حصل من وفاق المحققين أنا نعتبر أقل القيمتين للثمرة في يومي العقد والقبض.
٣٨٢٧ - وحكى صاحب التقريب قولا مرسلا من بعض الأصحاب: أن الاعتبار بقيمة يوم القبض، ويزعم هذا القائل: أن القول مأخوذ من النص الذي نقله المزني.
فإن كانت قيمةُ يومِ القبض أقلَّ، فلا شك في اعتبارها، وإن كانت أكثرَ، فكأن هذا القائلَ يعتبر تلك القيمة؛ مصيراً منه إلى تقويم الزيادة المتصلة للبائع، بناء على أنها لو كانت باقية، لكان البائع يأخذها بزيادتها.
وهذا وهمٌ عظيم؛ من جهة أن البائع ليس يرجع عند تلفها إلى قيمتها، وإنما يرجع إلى قسطٍ من الثمن باعتبار (١) قيمتها، والقسط من الثمن إذا أُثبت، فهو في مأخذ الأحكام على مضادة الرجوع في العين، فنعتبر والحالة هذه بقسطٍ لا يحسب فيه حقّ المشتري عليه للبائع (٢).
هذا أقصى الإمكان في التعبير عن هذا الغرض. والفطن يبتدره، والبليد لا يزداد في هذا المقام بزيادة البيان إلا حَبَطاً (٣).
ولا عود إلى ما ذكره صاحب التقريب؛ فإنه ساقط غير معتد به.
٣٨٢٨ - هذا قولنا في القيمة التي نعتبرها للثمرة، وهذه القيمة لا تستقل بإفادة غرضها دون الإحاطة بقيمة الشجر، وقد اضطرب المحصلون في قيمة الشجر، ونحن نأتي بما قالوه، ونضبط حاصلَ الفصل عند نجازه بما يُبيّن مسلكَ كلِّ فريق.
(١) قال الرافعي: "وسبيل التوزيع، أن تُقوّم الأشجار، وعليها الثمار، فيقال: قيمتها مائة.
وتُقَوَّمُ وحدها، فيقال: قيمتها تسعون، فيضارب بعشر الثمن" (الشرح الكبير بهامش المجموع: ١٠/ ٣٥٨) ومعنى ذلك، كما هو واضح، أن يرجع البائع بالأشجار، فهي ما زالت قائمة، ثم يضارب بعشر الثمن في مقابلة الثمار التي تلفت، سواء كان عشر الثمن أقل، أو أكثر من قيمتها. وانظر أيضاً: روضة الطالبين: (٤/ ١٦٥، ١٦٦).
(٢) في الأصل بهذا الرسم: " الما ـع " بدون نقط.
(٣) حبطاً: فساداً، وقد تكون خبطاً (بالخاء) أي عماية.