لمثار الإشكال في المسألة أولاً، ثم نخوض فيها بعون الله وتوفيقه.
٣٨٨٣ - فنقول: المشتري بغرسه وبنائه متصرف في ملك نفسه، وليس أيضاًً على رتبة مستعير؛ فإن العاريّة عرضة الاسترداد، و (١) لما أفلس وقد تمهد في الشرع أن البائع يرجع إلى عين ماله، وعين ماله عتيدة، ولكنها مُغيَّرة. والجمع بين تفريغ الأرض له وبين رعاية حق المشتري والغرماء عَسِر، فكيف السبيل؟ فنقول أولاً: إن طمع البائع في أن يقلع البناء والغراس مجاناً وتحبَطَ (٢) قيمة البناء والغراس، ويرد إلى النقض والحطب (٣)، فهذا طمع محال؛ فإن المشتري لم يكن غاصباً، وإنما يُنقض على هذا الوجه بناء الغاصب وغراسه.
فلو قال البائع: لست أرجع في عين الأرض إلا على هذا الوجه، قلنا: فلا مرجع لك إذاً، فضارب الغرماء بالثمن، واقنع بما يخصك.
وإن كان لا يبغي البائع هذا المحال (٤)، ولكن أراد أن يرجع إلى عين حقه،
ومعلوم أن الأرض البيضاءَ أكثرُ قيمة من الأرض المبنية والمغروسة، إذا كانت تباع دون الغراس والبناء، فلا بد وأن يتداخله نقص.
فإذا تنبه الفقيه لهذا، ولما ذكرناه، فعبارات الأصحاب فيها بعض الإيهام والخبط. وأنا بعون الله تعالى آتي بمقصود الطرق على أقرب صيغةٍ إن شاء الله تعالى.
فأقول:
٣٨٨٤ - حاصل ما ذكره الأئمة في ذلك أقوال: أحدها - أنا نجعل البائع واجداً عين ماله، فليرجع فيها من غير أن يعتقد جواز القلع مجاناً، وله أحكامٌ (٥) على هذا القول سأصفه في التفريع.
(١) زيادة من (ت ٢).
(٢) تحبط: تهلك. (من باب تعب).
(٣) النقض والحطب: أي مخلفات الهدم، وقلع الزرع. وفي (ت ٢): النقص والحبط.
(٤) المحال: أي الرجوع في الأرض، وإتلاف البناء والغراس، على صاحبها.
(٥) (ت ٢): احتكام.