٣٩٠٣ - ونحن نذكر تنبيهاً على قواعدَ في الخلط، فنقول:
أما فرض الاختلاط في البيع قبل القبض، فإِنه جارٍ في ملكٍ غيرِ مُفضٍ إِلى القرار، وهو عرضةٌ للانقلاب إِلى البائع، فإِن تردد القول، وتمثل في انفساخ العقد عند اختلاط المبيع بمثله، فسببه (١) ما ذكرناه.
ولو كان للرجل ملكٌ مستقر في شيء دون شيء من ذوات الأمثال، فاختلط (٢) به ملكٌ لغيره مثلٌ له، وليس بينهما عقد يُفسخ، فالوجه قسمة ذلك المختلط بينهما، لا طريق غيره. وليس في هذه الواقعة عقد يتوقع رفعه، بل الاختلاط في المثليات يصير بمثابة الشيوع في الملك، فلا فرق بين أن يرث رجلان صاعين من الحنطة في أن طريق التفاصل القسمة، وبين أن يختلط صاعٌ لأحدهما بصَاعٍ لآخر؛ ولهذا صحت الخلطة في المثليات عمدةً للشركة، كما سنصف ذلك في قاعدة الكتاب، إِن شاء الله تعالى.
وإِذا باع شيئاًً من ذوات الأمثال، فخلطه المشتري بجنسه، فهذا خلط في معقودٍ عليه، جرى بعد قرار الملك، ولكن طريان الإِفلاس يسلط البائعَ على الرجوع في المبيع، فكان على مخالفة المبيع قبل القبض، ولم يكن أيضاًً كاختلاط ملك بملكٍ من غير فرض عقد؛ فإِن البائع إِنما يرجع في المبيع لمكان البيع الذي جرى. وهذا يقتضي أن يرجع فيما كان مورداً للعقد. فألحق بعضُ الأئمة الخلطَ كيف فرض بالخلط قبل القبض، حتى يتردد القول في الخلط بالمثل والأجود والأرْدأ.
والوجه في المذهب ألا يُقضى بأن الخلط في عينه يؤثر، من قِبَل أنه جرى في ملكٍ مستقر، ولكن إِن أمكن فرض الرجوع من غير تعذر، لزم إِثباته، وتنزيلُ الأمر على التفاصل الذي يجري بين الملكين إِذَا اختلطا. وإِن فرض تعذرٌ في طريق الرجوع كما سنصفه في الخلطِ بالأجود، فينشأ منه تردُّدٌ في أن البائع هل يكون واجداً عين ماله؟ وسبب التردد تعذر تصوير الرجوع إِلى المقدار المبيع. وهذا إِنما يتبين بالتفريع.
فهذا بيان قاعدة الفصل، في الفرق بين الخلط بالمثل، والأردأ، والأجود.
(١) في الأصل: سببه.
(٢) في الأصل: فالخلط.