ثم سبيل إيصال البائع إلى حقه بيعُ الثوب المصبوغ، وقسمةُ الثمن على قيمة الثوب والصبغ، كما سنذكره بعد هذا في مسائل الكتاب، إن شاء الله تعالى.
ولو اشترى سويقاً ولتَّه بسمن عنده أو على العكس، والسمن بادٍ على السويق حسَّاً، فهو ملتحق بصبغ الثوب. وسيأتي إن شاء الله متصلاً بهذا.
وقد نجزت أطراف المسألة، ولم يبق فيها للناظر مضطرَب إلا فيما أصفه: فأقول:
٣٩١١ - لو اشترى مائةَ منٍّ من الزيت، وخلطه بربع رطل عنده، أو أقل على شرط أن يكون متمولاً، والغرض بالتصوير أن يُفرض كونُ الأكبر غامراً للأقل، وكونُ الأقل مستهلكاً فيه حساً.
وهذا يحسن تصويره على قولنا: إن الاختلاط يُلحق المبيع بالمفقود والمعدوم.
فإذا كان المبيع كما وصفناه، كيف السبيل؟
قلنا: إن كان ذلك المقدار النزر بحيث لا يبين له أثر من طريق القدر، وذلك بأن يفرض وقوعُ مثله بين الكيلين والوزنين. فإن كان كذلك، فالوجه عندي القطع بكون البائع واجداً عين ماله، ولا يحبَط حق المشتري مع ذلك، فنرد عليه مقدار ما خلطه.
٣٩١٢ - فإن كان هذا المقدار النزرُ مبيعاً، وكان الأكثر للمشتري، فالظاهر عندي القطعُ بكون البائع فاقداً، ولا يبعد خلافُ ذلك.
أما وجه الظهور، فلأن مثلَ هذا المقدار لا يشيع في المقدار الكثير، ولا يثبت على الانبساط في الجميع، وليس كذلك إذا كان المبيع مقداراً بيِّناً يظهر اختلاطه؛ فإنه إذا رجع لا بد وأن يرجع إلى شيء من عين ماله. فلا يبعد أن يقال: هو واجد، ثم يسلم إليه مقدار المبيع من المختلط.
٣٩١٣ - فإن كان الخلط بالأجود، فعلى ما يقتضيه القولان، والتفريع عليهما. وإن كان المقدار النزر بحيث يبين من الكيلين والوزنين، ولكنه مغمورٌ بالمقدار الكبير، فيجوز أن يخرّج على التفاصيل المقدمة، حيث لا غمر، ويجوز أن يرتب على ما تقدم. وتجعل هذه الصورة أولى بأن يكون البائع واجداً إذا كان نصيبه كثيراً غامراً، ويجعل أولى بالفقدان إذا كان نصيبه مغموراً.
هذا منتهى الفصل، والله أعلم.