أجاز العقدَ، كان متبرعاً بعشر الثمن، وهو عشرة، ولا نجعله متبرعاً بعشر قيمة العبد؛ لأنّ المسترد في مقابلته (١) الثمن، والأرش المقابل للعيب عشر الثمن لا عشر القيمة، فإجازته تتضمن ترك عشر الثمن، والمحاباة وراء ذلك جارية في الصحة، وليس على المريض أن يكسب للورثة باسترداد جميع الثمن.
٣٩٤٥ - وفي الفصل غائلة ننبه عليها، وندرؤها بسؤالٍ وجواب. فإن قيل: قد
ذكرتم أن المريض ليس عليه الاكتساب، فليس عليه أن يقبل الهبة والوصية، ولا أن
يكتسب بجهة أخرى، والملك حاصل للبائع في جميع الثمن، واستردادُ الأرش نقصٌ
للملك في حق البائع، وجلبٌ من جهة المشتري، فلم كان تركه تبرعاً؟ قلنا: هذا
العقد يتضمن الاستحقاقَ، فإسقاطه إسقاط حق (٢) مستحق تضمنه العقد، وقد ثبت
هذا في مرض الموت، وكان إسقاطه بمثابة إسقاط دين، والدين وإن سميناه ملكاً،
فليس شيئاً محصلاً، ولكنه استحقاق التوصل إلى تحصيل الملك في عين، ولذلك
يحط الأرش عن الشفيع، وإن كان مقتضى الشرع أن يأخذ الشّقصَ بثمن العقد، وليس هذا كما ردَّدْناه في خيار الشرط؛ فإن ذلك تروٍّ (٣) محض، وليس الفسخ به والإجازة متضمنين إسقاط حق مستحق. فليفهم الناظر ذلك، فبه تمامُ الغرض.
٣٩٤٦ - فإن قيل: الرد مستحق أيضاًً بالعيب، فأوجبوه. قلنا: لو أوجبناه، لألزمنا نقضَ المحاباة التي أمضيناها في صحته، وهذا لا سبيل إليه.
فإن قيل: لو كان الثمن جارية، وقد فرض الاطلاع على العيب، فهل تجوزون لقابض الجارية وطأها؟ قلنا: نعم؛ فإن الجارية في يده وإن تعرضت للاسترداد بمثابة الجارية في يد المتهب، مع استمكان الواهب من الرجوع في الهبة.
٣٩٤٧ - فإن قيل: لو كانت المسألة مفروضة حيث نقلتم نص الشافعي في الصحة
(١) (ت ٢): مقابلة.
(٢) مزيدة من (ت ٢).
(٣) (ت ٢): نزو. وفي الأصل بدون نقط. وكذا قدرناها. والمعنى أن الإجازة والفسخ في مرض الموت لمن له خيار الشرط، ليس فيها إسقاط حق، ولا تبرع، ولا تكسب، وإنما الخيار هنا للتروّي المحض. والله أعلم.