القائل يعضد مذهبه بأن تغريم الوكيل قيمة المبيع للموكِّل بالبيع بعيد، والمبيع ليس ملكاَّ بَعدَ البيع للمُوكِّل بالبيع. وليس كالمرهون الذي يضمن متلفه قيمتَه للمرتهن؛ فإن حق الوثيقة يتعدى إلى القيمة.
والوجه الثاني: أنه يضمن قيمة المبيع، من جهة أنه التزام بالخوض في البيع ألا يسلمه، ولا يثبت حق موكله فيه إلا بشرط، فإذا لم يف بالشرط، لزمته القيمة؛ نظراً إلى ما قبل البيع. وإن كان المبيع عند التسليم خارجاً عن ملك الموكل.
٣٩٨٣ - وهذا الضمان على الجملة بدعٌ خارج عن قانون الضمان؛ فإنه لم يلتزم الثمنَ بجهةٍ، ولما سلم المبيع، لم يجر عدوانُه في ملك الموكِّل، وحق الحبس لا يُضمن بالقيمة، فالقياس الكلّي نفيُ الضمان، والاقتصار على تأثيم الوكيل إن عمد؛ فإن المشتري إذا قبض المبيع، وأتلفه، فقد وقع القبض مستحقاً. ولكن اتفق الأصحاب على الضمان. وهو من آثار عهدة العقد، فالأوجه إذاً ألا يلزم الوكيلَ إلا الأقلُّ؛ فإن كان الثمن أقلَّ من القيمة، لم (١) يلزمه إلا الثمن. وإن كانت القيمة أقل، فقد يقول الوكيل: احسبوني غاصب عين ومتلفها.
وإلزامه الثمنَ، والقيمة أقل، له وجهٌ على بعد، وأما إلزامه القيمة والثمن أقلُّ، فلا وجه له.
فصل
قال: "وينبغي أن يُشهد أنه وقف مالَه ... إلى آخره" (٢).
٣٩٨٤ - إذا حجر على المفلس الحاكمُ، فالأوْلى أن يُشهد على الحجر (٣ وليس ذلك بواجب، ولكن الأولى ما ذكرناه. والغرض منه شَهْرُ الحجر ٣)، ونشر الأمر، والتأكيدُ بالإشهاد، حتى إذا ظهر ذلك، لم يعامَل المحجور اغتراراً بما عُهد له من مال.
٣٩٨٥ - ثم ذكر الشافعي تفصيلَ القول فيما يمتنع من تصرفات المحجور.
(١) عبارة (ت ٢): بَعُدَ أن يلزمه أكثر من الثمن.
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٢٢٢.
(٣) ساقط من (ت ٢) ما بين القوسين.