ذمته، فالمقَر له لا يضارب الغرماء الذين ثبتت ديونهم إذا لم يصدقوا المفلسَ. ولكن الدين يثبت في ذمة المفلس للمقر له، يطالبه به إذا انطلق الحجر عنه، واستفاد مالاً. وهذا متفق عليه؛ فإن الإقرار ليس عقداً أنشأه.
وإذا كنا نقول: الظاهر صحة شرائه لوروده على الذمة، وإن كان الشراء عقْدَ عهدة على الجملة، فالإقرار الذي هو إجبار محض يُلزم ذمتَه المقَرَّ به لا محالة. من غير تخيل خلاف، ولكن لا يضارب المقَرُّ له الغرماءَ في الأموال التي جرى الحجر فيها.
٣٩٩٩ - ولو أقر المفلس بأن عيناً من الأعيان - التي اطرد الحجر عليها ظاهراً وكانت في يده مغصوبةٌ (١)، وهي لفلان، فقد نص الشافعي في كتبه القديمة على قولين في إقراره بالعين: أحدهما - أنه لا ينفذ في الحال، وإن مسّت الحاجة إلى صرفها إلى ديونه، صرفت إليها. والثاني - أن إقراره ينفذ في العين، وهي مصروفة إلى المقر له بها؛ فإن عبارة المفلس صحيحة، ولا تهمة في قوله.
فقال الأئمة: يجب طرد القولين في الإقرار بالدَّين المرسل: أحدهما - أن المقر له لا يضارب الغرماء بالدين. والثاني - أنه يضارب تخريجاً على قبول إقراره بالعين ناجزاً. وهذا القول يتجه في القياس. وفي الجملة لا فرق بين الدين والعين.
والمريض وإن كان محجوراً عليه في الزائد على الثلث، فقراره بالدين المستغرِق مقبول. وكذلك لو أقر بعين مالٍ، قُبل إقراره.
٤٠٠٠ - فإن قيل: قطعتم القول برد عتقه وبيعه في الحال، وذكرتم القولين في نفوذهما لو سلم محالهما عن الصرف إلى الديون على مذهب الوقف، وذكرتم قولاً في تنفيذ الإقرار بالعين والدين المرسل ناجزاً، وإن أضر ذلك بالغرماء. قلنا: هو كذلك؛ فإن الحجر مقصوده منع المحجور عليه من التصرف؛ فتنفيذ تصرفه فيما جرى الحجر عليه يناقض مقصود الحجر، والحجر لم يسلبه العبارة عن أمرٍ مضى، وليس هو إنشاء تصرف في الحال (٢)؛ فكان ذلك فرقاً واضحاً.
(١) خبر (أن) في قوله: بأن عيناً.
(٢) (ت ٢): المال.