والوجه الثاني - أنه يكفن في ثلاثة أثواب إقامةً لشعار الدين في إكرام جثة المسلم.
والغرض ممّا ذكرناه أن الأصحاب فرقوا بين الكفن وبين ما نبقيه للمفلس من دست ثوب؛ إذ أجمعوا على أن الثوب الواحد لا يكتفى به في حق الحي، وفي الاكتفاء بالثوب الواحد (١) الساتر الخلافُ الذي ذكرناه. والفرق أن الحي يراعَى فيه ما يُبقي عليه رتبتَه ومروءتَه، والميت وإن شُرع إكرامُه، فإلى البلى مصيره، فليعرف الناظر قصدَ الأصحاب في الفرق بين الباب والباب.
ولو مات عبده أو قريبه الذي يمونه، فالكفن من المال العتيد، كالنفقات الدارّة.
والقول في تكفين هؤلاء كالقول في تكفين المفلس نفسه.
٤٠٢١ - ولو ماتت زوجةُ المطلِّق الموسر، ففي وجوب تكفينها على الزوج وجهان مشهوران ذكرناهما. وإن كان الزوج مفلساً، ففي وجوب التكفين الخلافُ الذي ذكرناه، ولا معنى لتخيل الترتيب؛ فإن كل مؤنة لا يشترط فيها اليسار مُخْرجة من مال المفلس بسبب الذين يمونُهم المفلس.
٤٠٢٢ - وممّا يتعلق بتمام البيان في الفصل أن المفلس لو كان مخدوماً، وكان أَلِف غلاماً يخدمه، فالمنصوص عليه أنه يباع في الدين، ونص في الكفارة (٢) على أن ذلك العبد غيرُ محسوب على من عليه الكفارة، ولا يلزمه صرفه (٣) إليها، واختلف أصحابنا، فمنهم من جعل في المسألتين قولين، نقلاً وتخريجاً. والمذهب تقرير النصين. والفرق من وجهين: أحدهما - أن العتق في الكفارة حق الله تعالى، وحقوق الله تعالى مبناها على المسامحة، ومبنى حقوق الآدميين على الضيق.
والثاني - أن العتق له بدل في الكفارة ينتقل إليه، ولا بدل للدّين.
هذا قولنا في الخادم. ثم إن رأينا إبقاءه، فليكن قريبَ القيمة، لائقاً بأحوال المعسرين.
(١) أي الثوب الواحد في الكفن، كما هو مفهوم من السياق.
(٢) (ت ٢): الكفارات.
(٣) في الأصل: صرفها.