ثم التعزير المتعلق بالنظر العام والاستصلاح، موكول إلى رأي الإمام، ولسنا نعني بذلك أنه يتخير فيه، بل يجتهد، ويرى رأيه، ويسلك المسلك الأقصَد. وقد يختلف ذلك باختلاف مراتب الخلق: فذو اللّدَدِ، والعناد، قد لا يكترث بتطويل (١) الحبس، وقد يعلم القاضي، أو يظن أن الغرض يحصل بالحبس المحض؛ فليجر على ما يقتضيه الحال.
٤٠٣٧ - ثم التعزير لايبلغ مبلغ الحد، على ما سنصف المذهبَ فيه في كتاب الحدود.
وقد يقتضي الحال تعزيراتٍ في أوقاتٍ يبلغ مجموعها حداً، أو يزيد، فليفعل ما يراه. والاستمرارُ على الامتناع على ممرّ الأوقات في حكم أسبابٍ متجددة، يقتضي تجددَ التعزيرات. ولا يغفل فيما يأتيه من ذلك عن (٢) ترك الموالاة وما في معناها.
فإذا بلغ التعزير مبلغاً، وكان أثره ظاهرَ البقاء، فليصبر إلى الاستقلال وظهور البُرْء.
ونحن قد نرعَى ذلك في إقامة حدود الله تعالى على شخصٍ واحد، فما الظن بتعزيرات موكولة إلى الاجتهاد لا يُقضى بتعيّنها (٣)؟
الفصل الثاني من الباب
٤٠٣٨ - إذا ادّعى من عليه الحق الفلس والإعسار، لم يخل: إما أن يكون له بينةٌ، وإما ألا تكون. فإن وجد بينةً، أقامها، كما سنذكر الوجه فيها. وإذا قامت، وجرى البحثُ عن التعديل، فلا يسوغ عندنا إدامة الحبس بعد ذلك؛ فإنه على الجملة من قبيل العقوبات. وقد يرى الوالي التعزيرَ به وحده.
وقال أبو حنيفة: لا يُصغي القاضي إلى البيّنة على الإعسار، حتى يمضي أمدٌ (٤)،
(١) (ت ٢): بطول.
(٢) (ت ٢): على.
(٣) (ت ٢): يفضي تبقيتها إلى الهلاك.
(٤) عبارة الأصل: يمضي أمدٌ (فيه). وفي (ت ٢): يمضي مدة.