واختلف أصحابنا في أن وليه القاضي، أو الأب. فمن أصحابنا من قال: وليّه الأبُ، كما كان يليه من قبل، فليَلِيَه الآن. ومن أصحابنا من قال: يليه القاضي.
ولو عاد التبذير، وقلنا: القاضي هو الضارب للحجر، فهو الولي، أو من ينصبه القاضي؟ وإن قلنا: يعود الحجر من غير ضربٍ للقاضي، ففي وليّه وجهان، مرتبان على الوجهين في الجنون الطارىء. وهذه الصورة أولى بأن يكون القاضي ولياً فيها؛ فإن التبذير وزواله مجتهَدٌ فيه بخلافِ الجنون.
فرع:
٤٠٨٩ - إذا بلغ صبيٌّ في قُطرٍ شاغرٍ عن الولاة، وكان سفيهاً، ولم يكن له أبٌ ولا جدٌّ، فالذي ذهب إليه الأصحاب أنه محجور عليه، لا ينفذ تصرفه على ما سنذكر تصرفَ المحجور عليه، ونصفه. وحكى الشيخ أبو علي في شرح التلخيص وجهاً عن بعض الأصحاب أن تصرفه ينفذ إلا أن يلحقه نظرُ والٍ، فيضرب عليه حجراً حينئذ. والسفهُ المتصل عند هذا القائل بالبلوغ بمثابة السفه الطارىء على الرشد، وقد ذكرنا أن المذهب أن من طرأ عليه السفه لا يصير محجوراً عليه من غير ضرب القاضي ونظرِه. وهذا بعيدٌ.
والوجه القطع بما قدمناه من اطراد الحجر عليه، ووقوعُه نبذةً (١) من نظر الولاةِ وهو سفيه، كوقوعه كذلك وهو صبي.
فرع:
٤٠٩٠ - إذا كان البالغ رشيداً في الوجوه (٢)، بَيْد أنه كان يغبن في بعض التصرفات على الخصوص، فهل للقاضي أن يضرب عليه حجراً خاصاً فيه؟ فعلى وجهين: أحدهما - ليس له ذلك؛ فإن الحجر والإطلاق يبعد اجتماعهما في حق شخصٍ واحدٍ.
والوجه الثاني - أنه يجوز ذلك اتباعاً للمعنى.
قال الشافعي رضي الله عنه في توجيه جواز ذلك: قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١) في الأصل: بدون نقط. ونبذةً: أي ناحية (المعجم) والمراد هنا ناحيةً بعيدة عن الحكام.
وفي (ت ٢): (بيده) وهو من تصحيفاتها العجيبة.
(٢) كذا في النسختين. ولعلها في "كل الوجوه".