العوض عيناً، وسُلّمت العين في مجلس المعاوضة، صح الصلح على شرط الشرع، ومتضمن الصلح مقابلة عينٍ بدين.
وإن لم يتفق تسليمُ العين في مجلس الصلح، فهل يبطل الصلح بالتفرق (١)؟ فعلى وجهين مشهورين: أقيسهما أنه لا يبطل؛ لأنه لم يَجُرّ ما يتضمن الإقباض من أصل الربا. وليس الصلح الموصوف بيعَ دين بدين، حتى يدخل تحت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " بيع الكالىء بالكالىء ".
والوجه الثاني - أن الصلح يفسد بالتفرق قبل إقباض العين المجعولة عوضاً؛ وكان (٢) ذلك نوعاً من الإنساء المضاهي للدينية.
وهذا الوجه وإن كان مشهوراً، فالأصح الأول.
ولو كان العوض المذكور عن الدين المعترف به ديناً، ثم فرضت المفارقة قبل الإقباض، فلا شك في بطلان الصلح؛ فإنه اشتمل على مقابلةِ الدين بالدين، وهو المنهي عنه نصّاً. ولو ذكر العِوض موصوفاً ديناً، ثم أُحضر في المجلس وسُلّم، جاز؛ فإن هذا لا يمتنع في عقد الصرف، فكيف يمتنع في غيره.
هذا كله في صلح المعاوضة عن الدينِ.
٤١٠٧ - فأمّا صلح الحطيطة في الدين، فصورته أن يقول المدّعى عليه المعترف بالألف للمدّعي: صالحني عن الألف الذي لك على خمسمائة، فإذا قال: صالحتك، وقبل المستدعي، أو جعلنا الاستدعاء كافياً، ففي المسألة وجهان: أظهرهما - أن ذلك يصحُّ، ومتضمنه الإبراء عن خمسمائة.
والوجه الثاني - حكاه الشيخ أبو علي أن ذلك باطل، والألف باقٍ بكماله؛ فإن صيغة اللفظ المعاوضة، وهي مناقضة لمعنى الإبراء.
٤١٠٨ - فإن فرعنا على الأصح، وهو أن ذلك إبراء، فلو ابتدأ المدعي، وقال: صالحتك من الألف على خمسمائة، فهل يكفي ذلك في حصول البراءة؟ أم لا بدّ من
(١) في الأصل: "بالإقرار". والمثبت من عمل المحقق.
(٢) في الأصل: "كان". بدون واو.