يضاهي ما ذكرناه في كتاب الطهارة من تضبيب الإناء بالفضة، إذْ شرطنا (١) الحاجة إلى التضبيب.
٤١٧٠ - وإذا فرعنا على القول الجديد، قلنا: إن رضي مالك الجدار بوضع الجذوع على جداره من غير عوض، كان ذلك إعارة، وسنصف في كتاب العارية أن من أعار أرضه، أو جداره للبناء عليه، أو للغراس، فإذا بنى المستعير، وغرس، فللمعير الرجوع في العارية، ولكن يضمن ما ينقُصه بالقلع في الغراس والبناء.
وسيأتي هذا على الاستقصاء في موضعه، إن شاء الله تعالى.
وغرضنا الآن: أن من استعار أرضاً وغرسها، أو بنى فيها، فللمعير الرجوع، على شرط ضمان النقصان.
ومن استعار جداراً ووضع عليه جذوعاً، فإذا أراد مالك الجدار الرجوعَ في العارية، رفعَ الجذوعَ والتزمَ غرامةَ النقصان.
وظاهر المذهب أن ذلك سائغ على قياس الباب.
وقال بعض أصحابنا فيما حكاه القاضي: لا يجوز الرجوع في هذه العارية؛ فإن ضرر القلع والرفع يتداعى إلى ما هو خاص ملك المستعير؛ فإن الجذوع إذا رفعت أطرافها من جدارٍ لم تستمسك على باقي الجُدُر (٢) فإذا عظم الضرر، امتنع القلع.
فأثرُ رجوع المعير أن يُلزم المستعير أجر المثل في مستقبل الزمان، وتفصيل ذلك يأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى.
٤١٧١ - وممّا أجراه الأئمة من أحكام العارية إذا اتصل الكلام بها أن من استعار أرضاً وزرعها، لم يكن للمستعير قلعُ الزرع قبل إدراكه، بخلاف الغراس؛ فإن الزرع له أمدٌ معلوم. فلو كان غرس، فأثمرت الأشجار، فلا يجوز للمعير قلعها قبل جِدادِ الثمار؛ فإن الثمار لها أمدٌ كالزرع. وهذا منقاسٌ لا خفاء به. فإذا جُدَّت الثمار؛ فإذ ذاك يقلع المعيرُ إن أراد، على شرط الضمان.
(١) في الأصل: إذا شركنا.
(٢) في الأصل: الجدار.