أي ظهر. ولكن المسموع المشهور في مصدر بدا بمعنى ظهر (بُدُوّاً) و (بداءً).
ورعاية للتثبت والتوقف راجعت المعجم الوسيط، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، فوجدت أن تقديري صواب، وأن هذا الضبط في المخطوط خطأٌ من الناسخ، فالفعل مصدره المنصوص في المعاجم الثلاثة بُدُوّاً وبداءة، فقمت بتصويب النص، وغيرته إلى (بُدُوّاً)، وحرصاً على حرمة النص، واحتراماً للضبط الموجود في المخطوطة، قمت بالتعليق في الهامش، وتسجيل هذا التغيير، وسببه، والمعاجم التي استندتُ إليها. وانتهى الأمر.
ولكن في مراجعة ثانية -وما أكثر المراجعات- حاك في الصدر شيء، فراجعت القاموس المحيط، فكانت المفاجأة الكبرى، إذ وجدت الأصل صحيحاً، والتغيير الذي قمتُ به عدوان على النص، حملني عليه قصور المعاجم الثلاثة التي راجعتها، حيث اكتفت بذكر بعض مصادر الفعل (بدا) دون بعضها. أما الفيروزآبادي، فقد قال في القاموس: " بدا بَدْواً، وبُدُوّاً، وبداءة: ظهر " فأورد الوزن الذي ظننته خطأ أوّل أوزان المصدر، وردني عن التغيير الذي قمت به، مخطِّئاً ما كان صواباً.
مثال ثان: وردت هذه اللفظة عند إمام الحرمين في النهاية أيضاً: " وفي بيع بزره خلاف " وردت لفظة (بزر) بالزاي، والمشهور المتداول (البذر) بالذال.
فهنا يسرع المحقق إلى تغييرها، وكتابتها (بالذال) عملاً بالمنهج المعروف.
وأعني به: " الكتابة على القواعد الإملائية المعهودة، بدون التنبيه إلى ذلك في الهامش ". ولكني توقفت وتريثت، وساءلت المعاجم، فإذا بالفرق واضح لائح، فالبذر بالذال في الحبوب كالحنطة والشعير ونحوها.
والبزر بالزاي في الرياحين والبقول. وأما الضبط، فالباء مع الذال مفتوحة لا غير، ومع الزاي، بالفتح والكسر.
وهنا أفاد التريث، والتوقف، فرأيت أن ما في المخطوط صواب، وكادت الواقعة تقع بتخطئته.
وعندي من هذا الباب عشرات الأمثلة.