فصل
في تبعيض الإقرار
٤٤٤٦ - إذا أتى بلفظ ملزم بتقدير الاقتصار عليه، ثم عقبه بما ينافيه، فله حالان: إحداهما - أن يتضمن الإسقاط، وفيه صور:
الأولى - أن يستند إلى واقعة يخفى حكمها على بعض الناس، كقوله: له علي ألف من ثمن خمر، أو خنزير، أو ضمان بشرط الخيار، ففي لزوم الألف قولان، ويتجه أن نفرق بين العالم والجاهل (١)، ولم يصر إليه أحد من الأصحاب.
الثانية - أن يستند إلى واقعة لا يخفى حكمها على أحد كقوله: علي ألف قضيته، فهل يلزمه أو يخرج على الخلاف؟ فيه طريقان.
الثالثة - أن يُعدّ مطلقُه هازلاً، كقوله: له علي ألف إلا ألفاً، أو له علي ألف لا شيء له علي، فيلزمه الألفء
الرابعة - أن يقول: لك علي ألف إن شاء الله، أو إن شئت، فلا يلزمه شيء عند الأصحاب، وخرج صاحب التقريب التعليق بمشيئة الله على القولين، وقال الإمام: التعليق بمشيئة العباد أولى بالخلاف؛ لأن التفويض إلى مشيئة الله معتاد بخلاف التفويض إلى مشيئة العباد.
فرع:
٤٤٤٧ - إذا قال: بعتك إن شئت، فقال: قبلت، انعقد البيع على أحد الوجهين، وهو اختيار القاضي؛ إذ البيع مفوض إلى مشيئة القابل. ولو قال: اشتريت ثوبك بدرهم، فقال: بعتكه إن شئت، فإن لم يجدد القبول، لم ينعقد، وكذلك إن جدده على قياس القاضي؛ إذ يبعد حمل المشيئة على طلب القبول مع تقدمه، وإذا تعذر ذلك، صار تعليقاً للبيع.
الخامسة - أن يقول: لك هذه الدار عارية أو هبة عارية، فيحمل على العارية
(١) "نفرق بين العالم والجاهل": بمعنى أن من كان عالماً بأن ثمن الخمر ونحوه لا يلزم، فلا يعذر، ويصح الإقرار، أما من كان جاهلاً بأن ثمن الخمر لا يلزم، فلا يصح إقراره.