وهذا من تصرفه وتخريجه. والصحيح ما ذهب إليه الأصحاب. والفرق بين التأقيت في البناء، والتأقيت في الزرع أن الزارِع يستفيد بترك زرعه إلى الحصاد التوصُّلَ إلى حقه المطلوب في الزرع، والثاني لا يستفيد بترك بنائه التوصلَ إلى حقه عند انقضاء المدة، إذا كان البناء مقلوعاًعليه بعد انقضاء المدة.
ثم لا حاجة في الزرع إلى ذكر مدةٍ؛ فإن إعارة الأرض للزرع تُشعر بشغل منفعة الأرض بالزرع، في الأمد المعتاد في الزرع.
وإذا قال صاحب التقريب: للمعير قَلْع الزرع (١)، فإنه يغرّمه أرشَ النقص، ولا يقوّم الزرع بقلاً مقلوعاً، ولكنه يقومه بقلاً قائماً في حق من يبغي تبقيته، ويقول: ما قيمة هذا الزرع الآن في حق عازم على تبقيته.
٤٥٣٣ - ومما يتعلق بهذا الفصل من قواعد المذهب تفصيلُ القول في إعارة رأس الجدار لوضع الجذوع. وأطلق المحققون: أنه إذا أعار رأسَ الجدار لوضع الجذوع، فله الرجوع عن العارية قبل اتفاق الوضع، وليس له القلع، ولا إلزامُ الأجرة، ولا تكليفُ الواضعِ بيعَ الجذوع منه. وما قدمناه من الخِيَرة في الخلال الثلاث الأخرى هاهنا.
ثم انتهى كلامهم إلى أن قالوا: لو انهدم الجدار، فأعاد مالكه بناءه، نُظر: فإن أعاده بطوب جديدٍ وحجارة مستحدثة، لم يكن لصاحب الجذوع أن يعيد جذوعه إلا بإعارة جديدةٍ.
وإن أعيد الجدار بأعيانِ ما كان فيه من طوبٍ وحجر، فهل للمستعير إعادةُ جذوعه من غير إعارةٍ مُجددةٍ، فعلى وجهين ذكرهما الأصحاب.
وهذا الفصل يحتاج إلى مباحثةٍ وأنا أقول والله المستعان.
إنما قطع الأصحاب خيرة المعير أولاً لمعنىً، وهو أنا لو ملّكناه القلع، لم يقتصر هدمُه على رفع رؤوس الجذوع من جداره، بل يؤدي الهدم إلى تغيير الجذوع عن
(١) (ت ٢): زرعك.