العبد: فأمَّا منفعة الحر، فهي مضمونة بالإتلاف، لا خلاف على المذهب فيه. فلو قهر حراً، واستسخره، ضمن أجر مثل منافعه.
وإن حبسه في بيتٍ، وعطل منافعه، فوجهان: أحدهما: أنه يضمن أجر المثل.
والثاني - لا يضمن؛ لأن الحر لا تحتوي اليد عليه. ولو استأجر الرجل حراً، فجاء، ومكن المستأجر من استيفاء المنفعة، فمضى زمانٌ يسع إمكانَ الانتفاع المستَحق، ففي تقرير الأجرة الوجهان المذكوران في وجوب أجر المثل بحبس الحر. هكذا قال القاضي وغيرُه.
ثم قال القاضي: لو استأجر حراً، أو أراد أن يؤاجره، فالقول في تصحيح إجارته يخرّج (١) على ما ذكرناه: فإن جعلنا منفعة الحر في الحبس بالعدوان وفي تقرير الأجرة المسماة من عقد الإجارة كمنفعة العبد، فإجارة الحر المستأجَر كإجارة العبد المستأجر.
وإن قلنا: لا تثبت اليد على منافع الحر في الأصول التي ذكرناها، فلا تصح إجارة الحر المستأجَر؛ فإنّ منفعته لا تدخل في ضمان المستأجَر، إلا عند وجودها، وتسليمها الحقيقي، ولا يصح إيراد العقد على المنفعة التي لم نقدر حكماً دخولها في يد المستأجر وضمانه. هذا في منفعة الحر.
فأما منفعة المملوك، فإنها تضمن بالإتلاف واليد. فلو حبس عبداً، ضمن أجرة مثله في مدة الحبس.
ومنفعةُ البضع مستثناة من المعاقد التي نجمعها.
٤٥٤٤ - فأما غير الآدمي من الحيوانات، فيُضمن بالجناية واليد. فإن أتلفت، فالقيمة. وإن جنى على أطرافها، فما نقَص من قيمتها. وسئل القفال عمَّن جنى على بهيمة، (٢ وكانت قيمة مثلها يوم الجناية مائة، فسرت الجراحة، وأهلكتها، وقد انحطت القيمة بالسوق ٢)، فكانت قيمة مثلها، يوم الهلاك خمسين، فما المعتبر؟ فقال: يعتبر أقصى القيم من الجراح إلى يوم الهلاك؛ فإنا إذا كنا نعتبر الأقصى في اليد
(١) (ت ٢): تخريج.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).