٤٥٥١ - فإن قيل: فما الذي تصححون من هذه الوجوه كلها؟ قلنا: أصحها اعتبارُ أقصى القيم من الغصب إلى انقطاع المثل، وتنزيل هذه الأوقات منزلة أوقات بقاء العين المغصوبة المتقوّمة، ولم يذكر الصيدلاني إلا هذا الوجه، وأعرض عما سواه. ويلي هذا الوجه وجهاً أبي الطيب، وما عدا ذلك بعيد عن الصواب. ولكن لكل مسلكٍ وجهٌ إلا ما ذكره شيخي من اعتبار الأقصى بين الانقطاع والتغريم، فهذا لا وجه له أصلاً مفرداً أو مضموماً.
وقد نجز أقصى ما في الوسع في بيان ذلك، تثبتاً في النقل، وتصحيحاً لما يجب تصحيحه.
وما ذكرناه مفروض فيه إذا غصب مثلياً، وأقام في يده مدة، وتلف، ثم انقطع المثل بعده.
٤٥٥٢ - فأما إذا أتلف شيئاًً من ذوات الأمثال على إنسان من غير فرض غصب واحتواء باليد، فقد ذكر القاضي وجهين في هذه الصورة: أحدهما - أنا نعتبر أكثر القيم من يوم التلف إلى يوم الانقطاع. والوجه الثاني - أنا نعتبر قيمة يوم الانقطاع.
وينقدح وجه ثالث ضعيف، وهو اعتبار قيمة يوم التغريم.
وليس يخفى تنزيل كل واحد على أصل من الأصول التي ذكرناها في حق الغاصب.
ولست أعتدّ باعتبار الأقصى بعد الانقطاع إلى التغريم؛ فإنه غلط عندي.
ومن غصب عبداً، وأبق من يده، فإنا نُلزمه القيمة للحيلولة، ولم يختلف المذهب في أنا نعتبر أقصى القيم من يوم الغصب إلى وقت المطالبة. وقيمة الحيلولة مع بقاء العين تناسب قيمةَ المثل عند فرض انقطاعه.
فليفهم الناظر ذلك؛ إذ لا خلاف أن المثل لو انقطع، ولم يتفق من صاحب الحق طلب حتى وُجد المثل، فحقه المثل إذا أراد الطلب الآن. وهو بمثابة ما لو استأخر الطلب من مالك العبد الآبق حتى رجع، فإن حقه في عين العبد.
٤٥٥٣ - ولو انقطع المثل، وغرِم الغاصِب أو المتلِف القيمة، ثم وجد المثل، فهل لصاحب الحق أن يرد القيمة، ويطلب المثل؟ فعلى وجهين: أحدهما - له ذلك؛