إتلافُ منفعة البضع، لا شبهةٌ تطّرد. وهذا المعنى متعدد.
ثم ينشأ مما ذكرناه لطيفةٌ في المذهب يقضي الفقيه العجبَ منها، وهي أن الغاصب، أو المشتري من الغاصب إذا وطىء على شبهةٍ، و ظنٍّ (١) في التحليل، فيظهر تعدد المهر، إذا قلنا: المهر يتعدد مع العلم بالتحريم؛ فإن موجِب المهر الإتلافُ، ولا حاجة إلى إحالته على الشبهة، والإتلافُ متعدد. وإنما يظهر اعتماد اتحاد الشبهة، حيث لا يجب المهر لولا الشبهة. وهذا واضحٌ لا خفاء به.
٤٥٩٠ - ثم إذا تلف العين المغصوبة في يد المشتري، استقر عليه الضّمان في قيمتها. والكلام يقع وراء ذلك فيما يرجع به المشتري -إذا ضمنه- على الغاصب البائع، وفيما لا يرجع به. وهذا مقصود فصل الشراء. فنقول:
أما العين إذا تلفت (٢) في يد المشتري، وغرم قيمتها، فإنه لا يرجع بما غرِم على البائع، والسبب فيه أنه (٣) قبض المبيع على اعتقاد أنه قابضه على حكم الضمان؛ فإن البيع عقد ضمانٍ.
وأمّا ما يلتزم من قيمة الولد الذي حصل العلوق به على الحرية، فإنه يرجع به على الغاصب باتفاق الأصحاب.
وإذا غرم المهر لما وطىء، فهل يرجع بالمهر الذي غرِمه على الغاصب، فعلى قولين، ونحن نرسل موضع الوفاق والخلاف، ثم ننعطف، فنحقق كل شيء على حسب ما يليق به.
وإذا غرم المشتري أجرة المنافع، نُظر: فإن غرمها لأجل اليد، وما كان استوفى المنفعة؛ فإنه يرجع بما يغرمه من الأجرة، وإن استوفى المنفعة وغرِم أجرتَها، ففي رجوعه على الغاصب القولان اللذان ذكرناهما في المهرِ.
فهذان بيان قواعد المذهب فيما يرجع به، وفيما لا يرجع به، وفاقاً وخلافاًً، من طريق النقل.
(١) في الأصل: وطء.
(٢) في النسختين: (تلف) والذي نعرفه وجوب تأنيث الفعل إذا كان الفاعل ضميراً.
(٣) في الأصل: أن.