يستردّ جملة العبد سليمةً، وقيمتَها تالفة، فيسترد العبدَ معيباً، مع أرش العيب. وليس كالمبيع في يد البائع؛ فإنه مضمون بالثمن. (١ ولو تلف العبد، سقط الثمن بتلفه، ولا يقابل العيب منه بجزء من الثمن ١) بسبب أن رده واسترداد جملة الثمن ممكن.
والذي قاله القاضي ليس بعيداً عن الصواب، أيضاً؛ فإن الرجل إذا أصدق امرأته عبداً، فعاب في يدها، ثم طلقها زوجهاً قبل المسيس، واقتضى الطلاق تنصيفَ العبد، ورجوعَ نصفه إلى المطلِّق، فالزوج بالخيار بين أن يرجع في نصف قيمة العبد سليماً، وبين أن يرضى بنصف العبد معيباً، ولا يكلّفُها ضمَّ أرش النقص إلى نصف العين، فيجوز أن يقال: من يرد الثوب يجري على هذا المنهاج، في استرداد المعيب. وبين المبيع المسترد وبين الصداق فرقٌ، سنذكره في كتاب الصداق، إن شاء الله تعالى.
فإذاً أفاد ابن سريج مذهباً في مسألة الثوب والعبد، وبنى عليه تعليلَ نص الشافعي في المشتري من الغاصب، فإذا صح ما ذكره ابن سريج في مسألة الثوب والعبد، ابتنى عليه ما أراده من توجيه النصين. ثم قال ابن سريج مدلاً بما أورده: إن هذا معنى يلطف مدركه.
٤٥٩٤ - ومما يتم به تفريع القول في التراجع: أن كل ما لو غرِمه المشتري، لرجع به على الغاصب، فإذا غرمه الغاصب، استقر الضمان عليه، وكل ما لو غرمه المشتري لم يرجع به على الغاصب، فلو وجه المالك الغرم فيه على الغاصب، كان له ذلك.
ثم إنه يرجع به على المشتري؛ فإنه لا يتصور قرار الضمان على شخصين على البدل.
٤٥٩٥ - وممّا يختلج في الصدر أن الغاصب إن طولب بقيمة ما باع أو منفعته،
فقياسه بيّن. فأمّا مُطالبته بالمهر وليس منافع البضع مضمونةً بالغصب، وليس هو متلفاً لمنافع البضع، فإن الواطىء هو المشتري، فهل يطالَب الغاصب بالمهر؟ وكيف السبيل فيه؟ نقدّم عليه أن الجارية المغصوبة لو وطئها واطىء بالشبهة في يد الغاصب، ففي مطالبة الغاصب احتمالٌ، يجوز أن يقال: لا نطالبه لما نبهنا عليه. ويجوز أن
(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).