أن يد العبد المغصوب، إذا سقطت بآفةٍ، أو قُطعت قصاصاً، أو في سرقة، وكان النقصان أقلَّ من المقدّر، ففي المسألة وجهان: أشهرهما - أنه لا يجب على الغاصب إلا النقصان. وفيه وجه آخر.
وقال المحققون في المسألة التي نحن فيها، وهي إذا جنى أجنبي على العبد،
فقطع يده، وغرّمناه نصفَ القيمة، خمسمائة: لو (١) أراد المالك تغريمَ الغاصب، غرّمه خمسمائةٍ؛ فإن اليد قُطعت بجهةٍ تُضمن فيها بخمسمائةٍ، وجرى هذا في يد الغاصب، فتوجَّه عليه خمسمائةٍ اعتباراً بما يلتزمه الجاني، وليس كذلك لو قطعت في حدِّ؛ فإنها لم تقابل بمالٍ، وكذلك إذا سقطت بآفةٍ سماوية، وهذا حسن فقيه.
ومن أصحابنا من خرّج وجهاًً مثلَ ما ذكرناه في قطع اليد في السرقة، وقال: ليس الغاصب جانياً حتى يتقدّر عليه الأرش. وإنما ضمانه (٢) باليد الغاصبة. والأصل في ضمان اليد اعتبارُ النقصان: نَقَص من (٣) المقدّر، أو زاد عليه. ولا خلاف أنه لو نقص من القيمة ستمائة، فالغاصب مطالبٌ بها، لمكان يده. ثم إن طالب المغصوبُ منه الغاصبَ، طالبه بستمائة، وهو يرجع على الجاني بخمسمائة، ويستقر الضّمان عليه في المائة الزائدة، فلا نجد بها مرجعاً. وإن طالب الجاني، لم يطالبه إلا بخمسمائةٍ، ويطالب الغاصب بالمائة الزائدة.
٤٦٥١ - ولو غصب عبداً، وسرق في يده، وقُطِع، غرِم الغاصب للمالك ما نقص في ظاهر المذهب.
وكذا لو سقطت يده بآفةٍ سماوية. وهذا تقدم ذكره. وقيل: يضمن الغاصب أكثر الأمرين من المقدّر وما نقص، تغليظاً للأمر عليه.
ولو غصب عبداً سارقاً، استوجب القطع بالسرقة قبل الغصب، فقُطع في يد الغاصب، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا يضمن شيئاًً؛ لأن القطع وقع بسببٍ
(١) في النسختين: فلو. وقدرنا أنه لا مكان للفاء، فهذا أول مقول القول.
(٢) في الأصل: ضمنه.
(٣) كذا في النسختين: "من". وهي صحيحة؛ فمن معانيها أن تأتي مرادفة لـ (عن).