القولين والتفصيل المقدم. فمن أصحابنا من قطع بأن الشفعة مفضوضةٌ على نسب الحصص، ولم نر هذا من صور القولين، ومنهم من أجرى القولين. وحقيقةُ هذا الاختلاف تستند إلى حقيقة الفصل.
وقد اختلف الأئمة في أن الورثة يأخذون الشفعة لأنفسهم في الحقيقة، أم يأخذونها للموروث، ثم يخلفونه؟ وفي ذلك وجهان: فإن قلنا: إنهم يأخذونها لأنفسهم، جرى القولان في كيفية التقسيط. وإن قلنا: إنهم يأخذونها للميت تقديراً، ثم ينتقل المأخوذ إليهم إرثاً، فليس إلا القطع باعتبار الحصص.
٤٧٤٩ - وممَّا نفرعه في هذا المنتهى أن واحداً من الورثة إذا عفا عن الشفعة،
فكيف يجري هذا التفريع؟ وهذا يستدعي رَمْزاً إلى أصلٍ سيأتي استقصاؤه، إن شاء الله. وهو أن من انفرد باستحقاق الشفعة إذا عفا عن بعض الشفعة، ففيه أوجه:
أحدها - أنه يبطل جميع حقه بالعفو عن البعض، كما لو عفا مستحق القصاص عن بعض حقه في القصاص؛ فإنه يسقط جميعُ القصاص، ولا يتصور بقاء شيء منه.
والثاني - لا يسقط بالعفو عن البعض شيء ويلغو العفوُ.
والثالث - أنه يسقط ما أسقط، ويَبقى ما أبقى.
وسيأتي ذلك على الاستقصاء، إن شاء الله تعالى.
فإذا عفا واحد من الورثة، نفرِع ذلك على الوجهين في أن الورثة يأخذون الشفعة لأنفسهم أم يأخذونها للميت؟
فإن قلنا: إنّهم يأخذون للميت، فإذا عفا واحدٌ منهم، سقط حق الباقين، ونزل منزلة ما لو عفا عن بعض حقه في حياته، ولو فعل ذلك، بطل حقه في الجميع، في ظاهر المذهب. وفيه خلاف، سنذكره في الفصل الذي يلي هذا الفصل.
وإن قلنا: إنّ الورثة يأخذون الشفعة، لأنفسهم، فإذا عفا واحد منهم، أخذ الباقون الشقصَ بكماله، وسقط حق العافي على ظاهر المذهب. وسنصف هذا بعد ذلك، إن شاء الله تعالى.
وغرضنا الآن أن نلحق عفوَ بعض الورثةِ في وجهٍ، بعفو الشفيع الواحد عن بعض