واحد على الترتيب، فالترتيب في الصفقة الأولى والثانية في العفو، والأخذ، والمزاحمة، كالتفصيل في البيعين من شخصين في جميع ما ذكرناه. وهذا قد نعيده (١) في آخر الكتاب عند جمعنا حيلاً في تعسير الشفعة على الشفيع، إن شاء الله تعالى.
فصل
يحوي قواعد من الشفعة، نحيل عليها تفريعات مسائل الكتابِ
٤٧٥٣ - فنقول: إذا ثبت حق الشفعة لرجلٍ واحد، فعفا عن بعض حقه، ففي المسألة أوجه مشهورة مذكورة في الطرق: أحدها - أنه يسقط جميعُ حقّه؛ فإن الشفعة لا تتبعض، فإذا وجب القضاء بسقوط بعضها، تداعى ذلك إلى أصلها، وهي شبيهة عند اتحاد المستحق بحق القصاص، إذا ثبت لواحد؛ فإنه لو عفا عن بعضه، كان كما لو عفا عن جميعه.
والوجه الثاني - أنه لا يلغو العفو عن البعض، ولا أثر له، والشفعة ثابتة بكمالها؛ فإن التبعيض إذا تعذر -وليست الشفعة مما يُدرأ بالشبهة- فالوجه تغليب ثبوتها.
وهذه الأوجه إنما يتسق جريانها إذا لم نقل بأن الشفعة على الفور. وسنذكر ترتيب الأصحاب فيها على قول الفور، إن شاء الله تعالى.
والوجه الثالث - أنه إذا أسقط بعضَ حقه، سقط ما أسقطه، وبقي ما أبقاه؛ فإنه حق مالي ولا يبعد تطريق الانقسام إليه.
قال الشيخ أبو بكر: هذا الوجه إنما يخرّج -على ضعفه- إذا رضي المشتري بأن تبعّض عليه الصفقة، فأمّا إذا أبى ذلك، وقال للشفيع: إما أن تترك الجميع، أو تأخذ الجميع، فله ذلك. وهذا الذي قاله حسن، لا يسوغ في القياس غيرُه، فإن تبعيض الصفقة على المشتري إضرار بيّن، وتعييب لما يبقى في يده.
وإن فرّعنا على قول الفور، فقد اختلف أصحابنا على طريقين: منهم من أجرى الأوجه الثلاثة على قول الفور، وصور العفوَ عن البعض مع البدار إلى طلب الباقي.
(١) ما بين المعقفين سقط من الأصل وحدها.