لحصلت، فكان التخصيص بالنقد لتحصيل الغرض الذي احتُمل ما في هذه المعاملة من الجهالة لأجله. هذا تعليلٌ على الجملة. والأصول إذا حاولنا تعليلها، لم نعثر إلا على مصالحَ كلية، قد لا تُحرّر على مراسم الحدود (١).
ومن أصحابنا من قال: المعنى فيه أنه لا بد من رد العروض إلى النقد عند المفاصلة على ما سيأتي، إن شاء الله في أثناء الكتاب.
٤٨٥٠ - ثم شرْطُ هذه المعاملة أن لا يستبد رب المال بجميع الربح، وأن لا يأكل
العامل جزءاً من رأس المال. والقراض على غير النقد قد يؤدي إلى أحد هذين، وبيان ذلك أن رأس المال لو كان وِقراً من حنطة، واتفق القراضُ في غلاء السعر، فكانت قيمةُ الوِقر (٢) عشرةَ دنانير، فلو باعه العامل في الحال مثلاً، فانخفض سوق الحنطة، وعاد قيمةُ كل وِقر إلى دينار، فسنقول: إذا تفاسخا، فالرجوع إلى جنس رأس المال، فيردُّ العاملُ على رب المال وِقراً من الحنطة يشتريه بدينار، والباقي بينهما، فيأخذُ العامل أربعةَ دنانيرَ ونصف من رأس المال، من غير كُلفة وتصرف.
ويُمكن فرض ذلك على العكس بأن يقال: قيمةُ الوِقر يوم العقد دينار، فباعه وتصرف فيه حتى بلغ عشرة دنانير، ثم ارتفع سوق الحنطة، فبلغ الوِقرُ قيمتُه عشرة دنانير، فإذا تفاسخا، فعلى العامل تحصيلُ رأس المال، وهو وِقرٌ من حنطة، ولا يمكنه ذلك، إلا بصرف جميع العشرة إلى الوِقر، فيستبد ربُّ المال بجميع الربح.
٤٨٥١ - فإن قيل: قد تتفاوت أسعار الدراهم والدنانير أيضاً؛ لأن الأسواق فيهما ترتفع وتنخفض. قلنا: يقل وقوع التفاوت في الدراهم والدنانير المطبوعة، مع خلوص النُّقرة، وقد يتمادى الزمان، ولا يعرض فيها تفاوتٌ. فإن قلّ، احتُمل.
نعم، الدراهم المغشوشة قد تتفاوت بالرواج والكساد، والقراض لا يصح إيرادُه إلا على المطبوع من النُّقرة الخالصة، فإن لم يمكن ذلك في الدراهم، فالدنانير المطبوعةُ من الذهب الإبريز عتيدةٌ، غيرُ مُعْوزةٍ، فلتقع المعاملة عليها.
(١) في الأصل: الجدل، والمثبت من (ي)، (هـ ٣).
(٢) في الأصل: العَرْض، والمثبت من (ي)، (هـ ٣).