العقد لا ينصرف إلى الآمر؛ لأن الثمن غيرُ مملوكٍ له، فعلى هذا في المسألة وجهان: أحدهما- أن العقد يبطل؛ لأنه لم ينصرف إلى من سماه، فأبطلناه. والوجه الثاني - أن العقد يقع لمالك الثوب، وتلغو التسمية.
هذا إذا سماه، فأما إذا لم يسمِّ الآمر، ولكنه نواه، ففي انصراف العقد إلى ذلك الآمر من الخلاف ما ذكرناه، ثم إذا حكمنا بانصرافه إليه، فالتفريع في الثوب المجعول ثمناً على ما قدمناه. وإن لم نقض بانصراف العقد إلى من نواه، فينصرف العقد إلى هذا المأمور العاقد، وجهاً واحداً؛ إذْ لم تجر تسميةٌ تخالف وضعَ الشرع.
٤٨٦٠ - فإذا تمهّدَ هذا، عُدنا بعده إلى غرضنا، وقلنا: إذا قال: حصِّل الألفَ الذي عليك، وتصرف فيه، فإذا حصله، فهو ملكه بعدُ إلى أن يَقْبض عنه قابضٌ، وما يقع من تصرفٍ بعد هذا على نية الآمر، فهو خارج على ما مهدناه من التصرف للغير، بعين مالِ المتصرف، فليجر هذا ذلك المجرى؛ فإنه عينُ المسألة التي أوضحناها.
٤٨٦١ - ومما يتصل بتمام البيان في ذلك أن الرجل إذا قال للغير: اشتر لي الخبز بدرهمٍ من مالك، فإذا اشتراه في الذمة، وقع الشراء للموكّل، ولا يلزم هذا المأمور أن ينقد الدرهمَ من ماله، فإذا نقده من ماله، كان مأخذ هذا من أصلٍ آخر، وهو أن من أدى دين غيره بإذنه على شرط الرجوع عليه، فإنه يرجع عليه، وإن أذن له في الأداء مطلقاً، ولم يُقيِّد بشرط الرجوع، ففي الرجوع وجهان، تكرر ذكرهما، كذلك إذا اشترى الخبز بأمره، فقد وجب الثمن على الآمر، فإذا أداه من مال نفسه بإذنه، ففي الرجوع ما قدمناه.
ولو اشترى الخبز بدرهم عيَّنه من ماله، فهذه المسألة هي التي مضت؛ فإنه (١) اشترى للآمر شيئاً بعين مال نفسه.
فإذا تمهَّد ذلك، عدنا إلى مسألتنا عودةً أخرى، وقلنا: إذا قال: عاملتك على ما لي عليك، فحصِّله، وتصرف على سبيل القراض، فإن اشترى شيئاً في الذمة للآمر، ثم نقد الثمنَ، فهو بمثابة ما لو اشترى الخبز في الذمة، ونقدَ الثمن من عند
(١) (ي)، (هـ٣): فإنه إذاً اشترى.