في تلك البلدة، وتفاصلا وأخذ رب المال رأسَ المال وحصته من الربح، فلو قال العامل: لو بقيت المعاملة، وبقيت الأموال، أو أثمانها في يدي، لرجعت إلى وطني بها، ونفقتي فيها، والآن إذا تفاصلنا، فاغرَم لي ما يردّني إلى وطني، فهل له ذلك، تفريعاً على قول استحقاق النفقة؟ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - له ذلك؛ فإن بقيةَ السفر عليه من أعمال القراض، التي كانت تقابَل بمزيدٍ على ما شُرط للعامل من الربح.
والوجه الثاني- أنه لا يستحق شيئاً من ذلك؛ فإن القراض قد انفصل، وخرج المال من يده، وإذا انكف، فليس مسافراً بمال القراض.
فرع:
٤٨٧٩ - إذا رجع العامل من سفره، وكان قد بقي معه فضلُ زادٍ، كان أعده للسفر، أو بقيت آلات كان أعدها للسفر، كالمِطهرة، ونحوها، فقد ذكر شيخي وجهين: أحدهما - أنه يجب عليه ردُّ الآلاتِ، وفاضلِ الزاد إلى مال القراض؛ فإن السبب الذي كان يُستحق به قد زال، وهذا هو القياس الذي لا ينقدح غيره.
والوجه الثاني- أنه لا يرد؛ فإن هذا يعد مستوعباً بحاجة السفر، وكان يُقرِّب (١) هذا الخلافَ من تردد الأصحاب في أن جند الإسلام إذا انبسطوا في طعام المغنم، وعُذروا، لكونهم في ديار الحرب، لو انتهَوْا إلى دار الإسلام، ومعهم بقايا من تلك الأطعمة، فهل يلزمهم ردُّها إلى عُرض المغنم؟ فيه وجهان مشهوران.
وعندنا أن ذلك محمول على توسُّعٍ شهدت به الأخبار في السِّيَر، ولا يسوغ أن يتخذ أصلاً في أحكام المعاملات.
ثم إذا فرَّعنا على الوجه الضعيف هاهنا في فاضل الزاد، فلا بد من الانتهاء إلى ضبطٍ فيه، والوجه أن نقول: إن كان الفاضل بحيث لو ضُم إلى ما اتفق إخراجه (٢)، وقدِّر إخراجه، لما كان ذلك سرفاً، فهذا هو الذي أراه في محل الخلاف. وإن كان زائداً على هذا، فذلك الزائد بضاعةٌ.
(١) أي الشيخ أبو محمد.
(٢) أي اتفق إنفاقه من العامل.