وإن كان للأمين منفعةٌ فيما في يده كالمرتهن في العين المرهونة، فإذا ادّعى ردَّ الرهن، لم يصدَّق إلا أن يقيم بينةً، والقول قولُ الراهن مع يمينه، وطَردوا هذا في يد المستأجِر في العين المستأجَرة؛ فإنه قبضها لمنفعةِ نفسه.
وإن تردد الأمر، فكان للمؤتمن (١) غرضٌ فيما في يده، وكان للمالك غرضٌ أيضاًً، فإذا ادّعى مَنْ هذا وصفُه الردَّ، فقد ذكروا وجهين: أحدهما- أن القول قولُ المؤتمن الذي يدعي الردَّ؛ لأن المنفعة ليست خالصةً له.
والوجه الثاني- أن القول قول المردود عليه، وضربوا في هذا القسم مثالين: أحدهما - الوكيل إذا قبض شيئاًً لبيعه بأجرةٍ، ثم ادعى ردَّه، ففي المسألة وجهان.
والثاني - المقارض، إذا ادّعى الردَّ على رب المال.
ولم يختلفوا أن الأمناء بجملتهم لو ادّعَوْا تلفَ المال في أيديهم، صُدِّقوا مع أيمانهم. وإنما هذا التفصيل للعراقيين فيه، إذا ادعى المؤتَمنُ الردَّ على المالك. ثم بنَوْا على هذا، وقالوا إذا لم يصدقوا المؤتمن في دعوى الرد، فمؤنة الرد عليه، وإن كنا نصدقه في دعوى الرد، فمؤنةُ الرد على المالك؛ فأتبعوا مؤنةَ الرد (٢) وجوبَ التصديق عند دعوى الرد، وطبقوا الوفاق على الوفاق في النفي والإثبات، والخلاف على الخلاف.
هكذا حكاه القاضي عن طريقهم، وهذا بعيد جداً، ولم يصح عندنا من طُرقهم إلا الترتيبُ الذي ذكرناه في (٣) أن من ادّعى الرد هل يصدق؟ فأما إيجابُ الردّ ومؤنته، مع القطع بأن اليدَ يدُ أمانة، فبعيدٌ عن قانون المذهب، ويبعد كل البعد أن يجب على المرتهن والمستأجر مؤنةُ الرد.
٤٨٩٠ - وأما القفال، فإنه قطع بتصديق كل مؤتمن في دعوى الرد إذا لم تكذبه المشاهدة. وأجرى المرتهن والمستأجِرَ والمقارضَ والوكيلَ مجرى المودَع، ونزَّل دعوى الرد في جميع هؤلاء منزلةَ دعوى التلف، وسلم العراقيون دعوى التلف،
(١) في الأصل: المرتهن.
(٢) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٣) في (ي)، (هـ٣): أنه لو ادعى الرد هل يصدق.